المؤرخ سيرغي بلوخي لـ«البيان»: الأزمة الأوكرانية تذكّرنا بأجواء ما قبل الحرب العالمية الثانية

المؤرخ الأوكراني سيرغي بلوخي | تصوير: إبراهيم صادق

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد المؤرخ الأوكراني، الكاتب سيرغي بلوخي، أن الأزمة الأوكرانية تعيد إلى الأذهان الأجواء التي سبقت اندلاع الحرب العالمية الثانية، مشيراً إلى أن الغرب تعلم جيداً من دروس الماضي، وفقاً لما قال المؤرخ ومدير معهد الأبحاث الأوكراني، في حوار أجرته معه «البيان» حول الأزمة الراهنة ورؤيته لمساراتها المتعددة.

وحول التصريحات الأمريكية والغربية بأن الغزو الروسي لأوكرانيا قد يحدث في أية لحظة، قال بلوخي: إن هذه التحذيرات لا تعني بأن الغزو سوف يحدث على نحو مؤكد، بل تعني أن روسيا أكملت استعداداتها العسكرية واللوجستية، للقيام بعمل عسكري في أوكرانيا، وأنها جاهزة للقيام بعمل عسكري، إذ تم اتخاذ القرار.

بلوخي يرى بعض التشابه بين الأزمة الحالية وأزمة الصواريخ الكوبية مطلع الستينيات، حيث قام الاتحاد السوفييتي في سياق مسعاه لتغيير شكل العالم، بعمل غير مسبوق في التاريخ، محاولاً بسط نفوذه في منطقة الكاريبي بالقرب من أمريكا، مشيراً إلى أن روسيا تقوم بذات الشيء حالياً، لتحسين موقعها العالمي، ليس فقط لدى الجمهوريات السابقة للاتحاد السوفييتي، بل في مناطق أخرى.

ويقول بلوخي: إنه خلال فترة الحرب الباردة كانت هناك قوتان عظميان تمتلكان القنبلة النووية هما أمريكا والاتحاد السوفييتي، وكانت هناك اتفاقيات موقعة بينهما، للحد من سباق التسلح النووي، لكن الآن معظم الاتفاقيات انتهت، وعدنا إلى المربع الأول، حيث سقطت المحظورات في هذا المجال، وأصبح لدى بعض الدول الطموح لإنتاج وتصنيع القنابل النووية، بل الأخطر من ذلك، بنظر بلوخي، أن هناك دولاً تمتلك التقنية النووية، وهي قادرة على إنتاج وتصنيع هذه القنابل، خلال سنة إلى سنتين إذا أحست بالخطر.

تشابه واختلاف

يضيف بلوخي: إن هذه الأحداث تذكره بما حدث في أوروبا قبل اندلاع الحرب العالمية الثانية (1938 – 1939)، مع وجود اختلاف، حيث إنه في تلك الفترة كان السؤال الذي يطرح نفسه ما هو مصير تشيكوسلوفاكيا، وبعدها «معاهدة ميونيخ» بين ألمانيا النازية وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا، والتي لم تصمد طويلاً وهذا هو التشابه، ولكن الاختلاف بأنه في العام 1939 عقب احتلال هتلر لتشيكوسلوفاكيا، قامت القوى الغربية بتقديم ضمانات للدول الأخرى في المنطقة بأنه في حال تم مهاجمتهم من قبل ألمانيا النازية فإنهم سيدخلون في الحرب، وما نراه اليوم أن الغرب تعلم من ما حدث في 1939.

تطمينات

وأشار أيضاً إلى أنه في 1994 قامت الدول الغربية بتقديم تطمينات وليست ضمانات، عندما قامت أوكرانيا بتوقيع «مذكرة بودابست» لكي تتخلى عن الأسلحة النووية، التي كانت تابعة في الأساس للاتحاد السوفييتي، مشيراً إلى تصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن في الأزمة الحالية، حيث أكد في مناسبات عدة أنه لن يكون هناك تدخل أمريكي عسكري، بل دعم تسليحي فقط، والدعوات التي خرجت من أمريكا، وبعض الدول لرعاياها للخروج من أوكرانيا رسائل مبطنة تقول: «لن نتدخل لإنقاذكم».

 

حرب باردة جديدة

أكد المؤرخ الأوكراني سيرغي بلوخي رداً على سؤال بشأن حديثه الدائم في كتبه وإصداراته عن الحرب الباردة أنه يرى أن الاهتمام بتاريخ الحرب الباردة قد ازداد، وهناك حديث بأننا في الأساس نعيش في حرب باردة جديدة، وهي مختلفة بسبب وجود الصين كطرف جديد في هذه المعادلة، وأيضاً روسيا التي تحاول أن تبسط سيطرتها باستخدام القوة العسكرية.

يقول: إذا تحدثنا عن الجمهور المهتم بقراءة مسار الحرب الباردة في الماضي، فأستطيع أن أصنفهم بتصنيفات مختلفة، ففي تسعينيات القرن الماضي مع نهاية الحرب الباردة نجد الاهتمام من الناس التي عاشت هذه الفترة، وكانوا يريدون معرفة ماذا يجري خلف الأبواب المغلقة، وكيف أثرت على حياتهم، أما الآن فهناك أناس يريدون معرفة تفاصيل أكثر عن هذه الفترة التي عايشوها، وهناك جيل جديد يرغب في معرفة تفاصيل الحرب الباردة، بسبب ما يجري حالياً، والتشابه الواضح بين ما حدث في الماضي وما يحدث الآن، لكن دعني أؤكد أن التاريخ لا يمكن أن يعيد نفسه، قد تكون هناك عوامل مشابهة، لكن هناك اختلاف في المسارات والنتائج. (ترجمة: نهى حوا)

Email