المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء السوداني لـ«البيان»: سياسة الدعم قضت على الاحتياطات النقدية

حريكة خلال حواره مع «البيان»

ت + ت - الحجم الطبيعي

كشف د. آدم حريكة المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء السوداني، عن برنامج إصلاح اقتصادي شامل انتهجته الحكومة الانتقالية لإنقاذ الاقتصاد، مدافعاً بشدة عن السياسات الحكومية المتعلقة برفع الدعم الحكومي عن الوقود.

وأشار حريكة، إلى أنّ الدعم يتطلب توفير موارد حقيقية للدولة، وأنّ الحكومة لن تستمر في سياسة الدعم باعتبارها سياسة فاشلة، حيث أن سياسة الدعم غير المرشد قضت على كل الاحتياطات النقدية الأجنبية التي كان يمتلكها السودان. وأكد حركة في حوار مع «البيان»، وجود برنامج إسعافي وضعته الحكومة لتخفيف حدة الضائقة المعيشية التي يعانيها الشعب السودان الآن، مع الاستمرار في دعم بعض السلع الاستراتيجية على رأسها الخبز والدواء والكهرباء، نافياً أي اتجاه في الوقت الراهن لتعويم الجنيه السوداني.

وفيما يلي نص الحوار:

الواقع المعيشي في السودان أصبح صعباً ماهي خططكم لتلافي الأوضاع الاقتصادية من الانهيار؟

السودان مر بأزمات كثيرة خلال العام الماضي، نتيجة لاختلالات هيكلية في سياسات الدولة الاقتصادية، مثل سياسة الدعم غير المرشد التي قضت على كل الاحتياطات النقدية الأجنبية التي كان يمتلكها السودان، والآن الحكومة تعمل على إصلاح هيكلي، مشكلتنا أننا ورثنا اقتصاداً يعتمد أساساً على الواردات فيما الصادرات ضعيفة، وحتى السياسات التي تحتاج لإصلاح المرتبطة بسعر الصرف والدعم، كلها سياسات تشجع الاستهلاك والاستيراد، بدلاً عن الإنتاج والتصدير، فالاستمرار فيها يعني استمرار التدهور الاقتصادي.

 

ما هي أسباب تفاقم الأزمة في السودان؟

هناك عدة أسباب قادت لتفاقم الأزمة أبرزها التأخر في عملية السلام لأسباب ليست بيد الحكومة، والتأخر كذلك في إكمال مؤسسات الفترة الانتقالية من ضمنها المجلس التشريعي والتباطؤ في تشكيل الحكومة الجديدة، فضلاً عن تأخّر رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، ثم العوامل الطبيعية مثل جائحة كورونا والفيضانات التي ضربت أجزاء واسعة من البلاد.

 

لماذا اللجوء لتحرير الوقود ورفع الدعم مع أنّ عواقب ذلك ستكون قاسية على البسطاء؟

تحرير سعر الوقود يرشّد الاستهلاك ويوقف التهريب، تستطيع أن توفّر الوقود نفسه لزيادة الإنتاج وانسياب حركة نقل البضائع، حتى لو زادت الأسعار فذلك سيؤدي لزيادة في الإنتاج وتقليل التهريب، ولها مردود إيجابي كلي على الاقتصاد، تدريجياً ستعمل على تصحيح الأسعار في السوق، أما استمرار الدعم دون توفير موارد حقيقية للدولة يعني أن الحكومة تطبع نقوداً لشراء البترول، طباعة النقود تؤدي لنتيجة أسوأ لأنها تنعكس على ارتفاع الأسعار وانهيار العملة المحلية وزيادة التهريب وندرة السلع كما شهدنا في العام 2020، وقبله، الحكومة لا يمكن أن تستمر في هذه السياسة الفاشلة.

نعم ارتفاع الأسعار يؤدي لتدهور مستوى المعيشة، الحكومة لديها برنامج لدعم الأسر الأكثر تأثراً، هناك دعم نقدي لتلك الأسر، ومن خلال برنامج «سلعتي» لتوفير السلع الضرورية، مع الاستمرار في دعم بعض السلع الاستراتيجية على رأسها الخبز والدواء والكهرباء.

 

هناك من يتساءل حول طبيعة الإصلاحات التي انتهجتها الحكومة؟

البرنامج الإصلاحي هو إصلاح شامل فيه معالجة الأسعار وسعر الصرف، وكذلك برنامج لإصلاح الإيرادات الحكومية الضريبية وغير الضريبية، وإصلاح مؤسسي وإصلاح في نظم المال العام، والنظام المصرفي، وابتداء من نهاية هذا الشهر ستبدأ نظم البنوك المزدوجة تقليدية وإسلامية، والحكومة لديها برنامج ثلاثي الآن في مراحله النهائية لتنمية القطاعات الاستراتيجية منها البنية التحتية والطاقة والكهرباء والطرق والنقل وأيضاً الزراعة والصناعة لزيادة الإنتاج وزيادة الصادرات.

 

الشارع بدأ يتململ هل لدى الحكومة برنامج إسعافي لتحسين مستوى المعيشة؟

نعم لدينا برنامج إسعافي، جزء منه سينفذ في موازنة 2021، هذا البرنامج يهدف لزيادة الإيرادات الحقيقية وتخفيض الاعتماد على القروض المصرفية لأدنى حد، وبالتالي نحن هدفنا في هذا العام تحقيق الاستقرار في الأسعار، وذلك لن يتم مرة واحدة ولكن تدريجياً، وتخفيض معدلات في قيمة العملة الوطنية مقابل العملات الخارجية وأيضاً هذا سيتم تدريجياً، الحكومة تسعى لإحداث هذا الاستقرار ومن بعد الانطلاق.


هناك تطورات إيجابية حدثت خلال وقف الحرب ورفع اسم السودان من قائمة الإرهاب مدى انعكاس ذلك على أوضاع الاقتصاد؟

نعم الانفتاح الآن بعد رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب ومن خلال السلام، رغم الأحداث المؤسفة في غرب دارفور وهنا وهناك، لكن عموماً الحروب الداخلية توقفت تقريباً، وهذا يساعد كله في الانتعاش الاقتصادي.


ما هو الدور الذي يمكن أن تلعبه الدول الصديقة لا سيما في الخليج لدعم عملية الإصلاح الاقتصادي التي تقومون بها؟

بعد التحول الذي حدث في السودان وهو دولة ذات موارد كبيرة سيوفر فرصة كبيرة جدا للنهضة الإقليمية، والنمو في كامل الإقليم لا زلنا نتطلع لمساعدة السودان في هذه المرحلة من قبل الدول الصديقة والشقيقة لتحقيق الاستقرار والانتعاش الاقتصادي والذي سيعود بالفائدة للجميع، الحكومة الانتقالية تعمل على التواصل مع العالم الخارجي، ولكن نعتمد بالأساس على مواردنا الذاتية.

Email