في مدينة ميت غمر بمحافظة الدقهلية شمال القاهرة، تعيش أسرة مصرية ظروف حياة قاسية تتقاذفها رياح المرض والفقر. خمسة أفراد، أم مريضة، ومُعيل أقعدته الإصابة، وثلاثة أبناء يعانون من تأخر ذهني وأحدهم مصاب بالسرطان. يروي محمود عطية محمود رجب لـ «البيان» معاناة أسرته، وكيف اضطر لتقييد أحد أبنائه لحمايته وحماية أسرته، نظراً لما تنتابه من حالة هياج تدفعه لإيذاء نفسه ومن حوله. يقول رجب: «رزقني الله بثلاثة أولاد، سامح «27 عاماً» وخالد «24 عاماً» وعمر «20 عاماً»، كلهم مصابون بالتخلف الذهني بدرجات متفاوتة، فيما أحدهم أصيب بسرطان في المخ، ونتابع حالته بمستشفى 57357».

ولأن المصائب لا تأتي فرادى، تعرّض رب الأسرة لحادث إذ سقط من الطابق الرابع أثناء عمله نقاشاً، ما تسبّب له في تهتك كامل بالكوع الأيمن، ما اضطره لتركيب مفصل صناعي ومسامير، ما أقعده عن العمل، وحرم أسرته من الدخل البسيط الذي كان يوفره لهم ويلبي القدر اليسير من احتياجاتهم.

أصبح رجب عاجزاً بالكامل عن تدبير نفقات جلسات العلاج وتنمية المهارات وتعديل السلوك لأبنائه، وعن تدبير الموارد المالية الكافية للإنفاق على أسرة تواجه ظروفاً بالغة الصعوبة. ويقول: «أمام عجزي أمام توفير تلك النفقات، تعرض أبنائي لعدة انتكاسات صحية، لاسيما بعد أن اضطررت لوقف علاج المخ والأعصاب الذي يحصلون عليه بسبب ارتفاع تكلفته، ما دفع بحالتهم إلى أن تسوء أكثر فأكثر». يسترسل رجب: «لا أريد نظرات الشفقة وأن تُستغل قصتي، كل ما أريده هو توفير نفقات علاج أولادي». وعلى الرغم من لجوء رجب لعلاج أبنائه على نفقة الدولة، إلا أنّ الدواء الخاص بمرض أبنائه ليس متوفراً ضمن الأدوية المتاحة على نفقة الدولة، ما كان يضطره إلى شرائه على نفقته الخاصة قبل إصابته.

يضطر رجب كما يقول لتقييد ابنه الأصغر بسلسلة يصل طولها ثمانية أمتار، بما يسمح له بالتحرك في المنزل، وذلك نظراً لما ينتابه من حالات هياج جراء مضاعفات مرضه، بما يمنعه من إيذاء نفسه أو أحد أفراد أسرته. ويردف:

«إذا ما أطلقنا سراحه يكون في حالة هياج وعصيان ومن الصعب السيطرة عليه، ويصبح المنزل جحيماً لا يطاق كساحة معركة يدمر كل ما أمامه، حتى والدته المصابة بالسكري وضيق بالشريان التاجي بالقلب تعجز عن مواجهته في مثل تلك اللحظات الصعبة». يشكو رجب تراكم الديون وعدم المقدرة على التعايش مع الأوضاع الراهنة، فيما يحدوه الأمل في إنهاء معاناة أسرته وأن يجد علاجاً مناسباً لأبنائه الذين كان يُمني النفس أن يكونوا أصحاء قادرين على أن يكونوا معينين له في حياته القاسية.