على مر السنوات الأخيرة عمل الفلسطينيون على إيصال صوتهم ومعاناتهم، لا سيما اللاجئين من سكان المخيمات، وابتكر معظمهم طرقاً جديدة وجميلة للفت الانتباه لتلك المعاناة.

لكن الفلسطيني محمد جحلش من غزة، اختار طريقة جديدة وغير مألوفة في إيصال تلك المعاناة، وإبراز آلام الجوع، والفقر الذي ينهش آلاف اللاجئين الفقراء في القطاع، وحاجتهم المستمرة لمعونات غذائية تقدمها وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين «أونروا»، وحل مشكلاتهم التي تولد معاناة مستمرة في حياتهم.

واختار جحلش فوارغ معلبات «السردين»، التي يتسلمها اللاجئون الفقراء كجزء من معونات غذائية تقدمها لهم «أونروا»، ليرسم عليها، ويحولها إلى لوحات فنية ناطقة، تحمل رسائل للعالم بأسره، بالوقوف إلى جانب هؤلاء اللاجئين، ومنحهم حقوقهم كاملة.

السردين والقطاع

ويقول جحلش، إن اختيار معلبات السردين الصغيرة كان له دلالات مهمة، فهي تشبه قطاع غزة الصغير والمكتظ بالسكان والمغلق من جميع الجهات، وهي محاولة لتجسيد معاناة اللاجئين الفلسطينيين في القطاع.

وأكد أن لجوءه لهذا الفن يحمل أبعاداً إنسانية، فمعلبات السردين الضيقة التي تشبه حياة سكان غزة، يحاول من خلال الرسم عليها إبراز الكثير من المشكلات سواء الصحة، أو الاجتماعية، أو حتى التعليمية، ويحاول لفت انتباه العالم لما تسببه تلك المشكلات من معاناة كبيرة لسكان القطاع.

وأشار إلى أن شكل علبة السردين لها مدلول سيىء على اللاجئين، فبمجرد مشاهدتها تعيد للذاكرة معاناة الفقر وطوابير الانتظار أمام مؤسسات «أونروا» للحصول على خدمة صحية أو إغاثية.

ونجح جحلش في تجهيز 250 علبة سردين، على مدار أكثر من 100 يوم، رسم داخل كل واحدة منها رسمة، أو وضع مجسماً، وكل واحدة تناقش قضية معينة.

ويستخدم جحلش خامات مختلفة أبرزها «الطين الهوائي»، يحاول من خلالها تجسيد وإيصال فكرته، عبر أشكال معينة، يسهل على المشاهد قراءتها وتفسيرها، وقد ركز على الأطفال ومعاناتهم، كجزء من معاناة اللاجئين في غزة.

وداخل مرسمه في بيته الواقع شمال غزة، ينهمك كل يوم لمتابعة أعماله على مدار أكثر من ثلاث ساعات، يعمل خلالها على تجسيد ورسم لوحات جديدة للمعاناة الكبيرة داخل علبة السردين الصغيرة.