صحيح أنها لا تبعد سوى بضعة كيلومترات عن دمشق، إلا أن الرحلة إليها ليست بالأمر السهل. الغوطة الشرقية التي كانت على مرمى النظر من العاصمة بات الوصول إليها بعد أن خربتها ودمرتها الحرب أمراً معقداً للغاية.
فالانطلاق من دمشق نحو هذه المنطقة المنكوبة سيحتاج إما استخدام المواصلات العامة القليلة في معظم الأحيان، أو الاستعانة بسيارات الأجرة، والتي لن تقبل بأي طلب لهناك قبل التفاوض على بضعة آلاف من الليرات السورية. بمجرد الوصول للمكان ستتغير الملامح، رغم قرب المسافة من دمشق، فالأبنية المهدّمة ستنتشر على طرفي الطريق، وكذلك الحواجز العسكرية التي أصبحت مهمتها أقرب لتنظيم السير من مهمة التفتيش أو تدقيق الهويات خوفاً من تسلل بعض المخربين إلى هذه الأحياء المهجورة.
لن تصدف مظاهر الازدحام، فالشوارع تقريباً شبه فارغة، ومن عاد إلى الغوطة عاد ضمن ظروف معيشية قاسية، كما أن بعضهم قبل السكن في بناء مهدم للتخلص من تكلفة الآجر المرتفعة في المناطق التي لم تصلها نيران الحرب.
ضرر متفاوت
يتفاوت واقع الضرر في المكان بحسب قرب القرية أو بعدها عن ساحات القتال التي كانت دائرة سابقاً. يقول سكان المنطقة، إن «حمورية» مثلاً أصابها ضرر كبير، وكذلك الأمر في قرية «بيت سوى» التي «شقها» المسلحون في حينه لفتح طريق إلى دوما، لهذا تشرد غالبية سكانها.
في سقبا وحزة تبدو الظروف أفضل نسبياً، فالأبنية المهدمة ليست كثيرة، وحركة العمران تبدو نشطة، كذلك الحال بالنسبة للمحلات التجارية التي عادت للعمل، ولكن ظروف الحياة ليست سهلة، وكثير من الأمور مازالت غير متوفرة وعلى رأسها المواصلات والإنارة، وتحدثنا سيدة من المنطقة بأن الظروف صعبة والخدمات سيئة، إذ لا توجد مقومات تساعد ليكون الإنسان مرتاحاً في حياته، ومع هذا يحاولون التأقلم، وترى أن الجيد بالموضوع اليوم افتتاح عدد من المحال التجارية وفرت ما يحتاجون من أغذية، لكن خدمات الكهرباء والماء والهاتف سيئة.
ظروف صعبة
من جانبها تحدثنا آلاء وهي من سكان سقبا، بأنها بقيت خلال فترة الحرب كلها ولم تغادر البلدة، وشهدت كل الظروف الصعبة التي مرت بها، وتتمنى لو ترجع المدينة كما كانت قبل 2011، وأن يرجع سكانها. وعن حال الطرقات والمواصلات، ذكرت بأن الطرقات غير معبّدة ونسبة قليلة من السيارات والحافلات العامة تقبل القدوم إلى سقبا، ومن يقبل يطلب أجرة مرتفعة.
تحولت الغوطة التي عرفت على مدار عقود من الزمن أنها جنة دمشق، يقصدها أهالي العاصمة نهاية كل أسبوع إلى مدينة أشباح خالية من سكانها، بينما الدمار يدور في كل ركن من أركان الغوطة، بينما يحاول بعض من عاد إليها إعادة ما يمكن إعادته إلى السابق.