يجري الرئيس الصيني، شي جينبينغ، زيارة هي الأولى له للولايات المتحدة الأمريكية منذ سنة 2017 منتصف الشهر الجاري، يلتقي فيها نظيره الأمريكي جو بايدن.

ضمن مساعي أكبر اقتصادين في العالم من أجل «تلطيف الأجواء» و«إذابة الجليد» بينهما، في وقت تواجه فيه العلاقات الثنائية عديداً من الملفات المعقدة والتوترات التي تهدد من حين لآخر بتصعيد أوسع.

وعلى الرغم من أهمية القمة المرتقبة في سياق التأكيد على المعطيات المشتركة وتجنب سيناريوهات التصعيد الأوسع التي تطل برأسها من حين لآخر، فإن توقعات المراقبين لا تشير إلى أكثر من ذلك، فالحد الأدنى من التفاهمات المشتركة في شأن القضايا السياسية والاقتصادية، والخطوط الحمراء التي لا ينبغي لأي طرف تجاوزها، من دون أمل في انفراجة أوسع بالعلاقات.

وعقد مسؤولون أمريكيون عدداً من الاجتماعات مع نظرائهم في الصين، للتباحث في الملفات المشتركة وتطورات الأوضاع الإقليمية والدولية، وكان آخرها اللقاءات التي جمعت وزيرة الخزانة الأمريكية، جانيت يلين، بنائب رئيس الوزراء الصيني، هي ليفينغ، في الفترة من 9 وحتى 10 نوفمبر الجاري، في سان فرانسيسكو، وذلك قبل قمة زعماء دول منظمة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (أبيك).

وشهدت الاجتماعات الأخيرة تأكيداً على عديد من المعطيات الأساسية التي ينطلق منها الجانبان، وعلى الرغم من السقف المنخفض للتوقعات المرتبطة باحتمالات إذابة سريعة للجليد بين البلدين، فإن المحادثات الأخيرة جددت الإشارة إلى مبادئ أساسية في العلاقات، ومن بينها التأكيد على عدم الرغبة في الانفصال أو فك الارتباط، لما لذلك من آثار سلبية في الطرفين.

فضلاً عن التأكيد على أهمية إدارة العلاقات بشكل مسؤول مع الإبقاء على قنوات اتصال مرنة بينهما، بحسب ما ذكره البيان الصادر عن وزارة الخزانة في أعقاب الاجتماعات الأخيرة، وهو البيان الذي تم فيه الكشف عن زيارة مرتقبة للوزيرة إلى الصين لاستكمال المناقشات مع المسؤولين في بكين في شأن العلاقات الثنائية ومجموعة واسعة من الملفات ذات الصلة.

كسر الجمود

يقول الباحث المتخصص في الشؤون الآسيوية، حسين إسماعيل، في تصريحات خاصة لـ«البيان» من القاهرة، إن القمة تعد إلى حد كبير كسراً للجمود الذي شهدته العلاقات بين البلدين، مشيراً إلى أنه في الفترات الأخيرة كان هناك ما يمكن تسميته «إذابة الجليد» عبر الزيارات المتبادلة بين مسؤولي البلدين، ومنها لقاء وزير خارجية الصين ومستشار الأمن القومي الأمريكي.

ولكنه يعتقد بأن «ثمة قضايا أساسية يصعب التوصل لتفاهمات في شأنها، وفي مقدمتها ملف تايوان، فموقف البلدين واضح ومتماسك..

وإن كان من الممكن التوصل لتفاهمات في مسألة العلاقات التجارية»، مشيراً إلى أن اللقاء يأتي بينما تستعد الولايات المتحدة لانتخابات رئاسية بعد عام، وعادة ما تكون الصين ورقة من الأوراق التي يتم استخدامها في تلك الانتخابات، وهناك مزايدات بين الحزبين وربما داخل الحزب الواحد أيضاً.

ولكن في جميع الأحوال، يظل اللقاء بين أكبر مسؤولين في البلدين، مهماً في سياق تعزيز التواصل بين الإدارة، علاوة على أن هنالك عديداً من الملفات الأخرى، ومن بينها ملف المناخ وكذلك الأحداث الساخنة في أنحاء مختلفة من العالم، وشبه الجزيرة الكورية، وسلاسل الإمداد ومستقبل الاقتصاد العالمي، وغيرها.

لا انفراجة محتملة

وعلى الرغم من تلك التحركات الهادفة إلى إعادة ضبط بوصلة العلاقات الثنائية، فإن سقف التوقعات لا يزال منخفضاً طبقاً لرئيس مركز التحرير للدراسات والبحوث، عماد الأزرق، الذي يقول في تصريحات خاصة لـ«البيان» من العاصمة المصرية، إن الولايات المتحدة مقبلة على موسم انتخابي.

ولذلك الإدارة هناك تسعى للاستفادة بأقصى قدر ممكن من علاقاتها المختلفة، وتبعاً لذلك فهي تريد أخذ هدنة بين الجانبين حتى يمر الموسم الانتخابي، وحتى تستطيع أن تقنع الناخب الأمريكي بأنها حققت نقاطاً إيجابية في سياق مواجهتها مع الصين.

وعلى الجانب الآخر، فإن بكين تحاول جاهدة الاستفادة من الضغوط التي تتعرض لها الإدارة الأمريكية قبيل الانتخابات الرئاسية المقررة العام المقبل، وتحقيق مكاسب في هذا السياق، وفق الأزرق الذي يشدد أن القمة تمثل محاولة من كل جانب للحصول على أقصى قدر من المكاسب (الداخلية والخارجية) بينما لا أتصور أن تكون هنالك انفراجة حقيقية في العلاقات.