أصدر قاضي التحقيق الأول في بيروت بلال حلاوي مذكّرة توقيف وجاهيّة بحقّ حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، وذلك بعد الجلسة الأولى لاستجوابه، أمس، في الملفّ الذي أدّى إلى توقيفه من قبل النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار الثلاثاء الماضي، وبعد ادّعاء المدّعي العام المالي القاضي علي إبراهيم عليه وإرساله موقوفاً إلى حلاوي.

وعلى مدى الأيام الماضية، كانت قضية سلامة (74 عاماً)، تصدّرت واجهة الحدث اللبناني، إذْ تم توقيفه احترازياً على ذمّة التحقيق بشبهة اختلاس أموال المصرف المركزي، فيما كلّ المعلومات كانت تُشير إلى أن فترة احتجازه قد تطول، وخصوصاً بعد صدور مذكرة التوقيف الوجاهية بحقه.

وهكذا، بعدما حاصرته مظاهرات وطاردته شعارات ووقعت عليه لعنة المودعين منذ «ثورة أكتوبر» عام 2019، إلى أن سقط اسمه إلى مستوى ليرة لبنانية جمّد انهيارها لثلاثة عقود، وبعد شبه إقامة جبريّة أعقبت عاماً وشهراً على انتهاء ولايته، وما رافقها من أحكام قضائية أوصلت إلى إدراج اسمه على لائحة المطلوبين من الإنتربول الدولي، غدا «الحاكم التاريخي»، الذي لا يُستغنى عنه لحماية الليرة والاستقرار خلال عقود ثلاثة إلا بضع سنوات، وبات موقوفاً خلف قضبان الاحتجاز، وربما المحاكمة.

جلسة الاستجواب

ووسط تدابير أمنية خاصة شهدها قصر العدل في بيروت، مثل سلامة، أمس، أمام القاضي حلاوي، لاستجوابه في ملفّ الادعاء الذي تمحور الشق الرئيس له حول استخدام سلامة حساب «الاستشارات» في المصرف المركزي لتحقيق أرباح شخصية، وهو الحساب الذي أخفى فيه كلّ العمليات غير الشرعيّة ورفض تسليم بياناته إلى شركة التدقيق الجنائي «ألفاريز أند مرسال».

يشار إلى أن التحقيق لم يشمل كل العمليات التي حصلت عبر هذا الحساب، بل عملية واحدة تمثلت بتحويل 42 مليون دولار من حساب الاستشارات إلى المحامي ميكي تويني الذي قام بدوره بتحويلها إلى ابن شقيقة سلامة، المحامي مروان عيسى الخوري، ليحوّلها الأخير مجدداً إلى حساب سلامة الخاص في المصرف المركزي.

«داتا» العمليات

وكان القاضي الحجّار بناءً على تكليف من الحاكم بالإنابة، وسيم منصوري، طلب «داتا» العمليات التي كانت تحصل عبر حساب الاستشارات، ومن ضمنها عمولات شركة «أوبتيموم» والعقود التي أُبرمت مع مصرف لبنان، لجهة إقدام سلامة على شراء سندات خزينة وبيعها في اليوم الواحد على سعر ربحيّ.

والمعروف أن ملف «أوبتيموم» يعود إلى الفترة ما بين 2015 و2018، حيث باع مصرف لبنان الشركة المذكورة بسندات دين عام ثم قام بشرائها في اللحظة نفسها بأسعار أعلى. وقد نتج عن هذه العمليّات أرباح بقيمة 8 مليارات دولار، لم تتّضح هويّة المستفيدين منها بعد.

وبمعزل عما سيُقال عن مذكرة التوقيف وظروفها وأبعادها، فإن هذا التطوّر القضائي البارز، وبحسب تأكيد مصادر قانونية لـ«البيان»، أعاد الروح إلى قضاء أثيرت حوله الأسئلة في المرحلة الأخيرة.

وأشارت مصادر متابعة للقضية لـ«البيان» إلى أن مذكرة التوقيف الوجاهيّة بحقّ سلامة ستكون كفيلة بإدخاله في مسار قضائي معقد وطويل، يؤدّي إلى احتجازه لأشهر طويلة، ما دفع هذه المصادر للقلق من الضغوط السياسية التي قد تُمارس على القضاة لإيجاد مخرج قانونيّ يفضي لإطلاق سراح سلامة.