تعمل إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، التي لم يتبقَ لها سوى أربعة أشهر، على تكثيف جهودها الدبلوماسية للتوصل إلى اتفاق بشأن غزة مع إبداء تفاؤلها في العلن، على الرغم من أسابيع من التعثر والانتكاسات.

ويرى خبراء على أي حال أن واشنطن ليس لديها من خيار سوى الاستمرار في المحاولة، عشية الانتخابات الأمريكية، حيث لم يتبقَ للإدارة الديمقراطية سوى أربعة أشهر.

ومنذ إعلان إسرائيل في الأول من سبتمبر استعادة جثث ستة أسرى، شددت إدارة بايدن على ضرورة التوصل إلى هدنة، حتى مع إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو على عدم تليين موقفه، على الرغم من الاحتجاجات في الشارع الإسرائيلي.

وحض وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن كلاً من إسرائيل وحركة حماس على إبرام اتفاق قال مسؤولون أمريكيون إنه أنجز بنسبة 90%. وأكد «من واجب الطرفين التوصل لاتفاق بشأن القضايا العالقة». وتعثرت المحادثات للتوصل إلى هدنة في الأسابيع الماضية بسبب خلافات أبرزها الشريط الحدودي بين قطاع غزة ومصر (محور فيلادلفيا أو صلاح الدين) الذي يصر نتانياهو على إبقاء قوات إسرائيلية فيه، في حين تتمسك حماس ومصر بانسحاب إسرائيلي كامل منه ومن كل القطاع.

حسابات انتخابية

ترى ميريسا خورما، مديرة برنامج الشرق الأوسط في مركز ويلسون في واشنطن أنه على الرغم من الدبلوماسية الأمريكية المكثفة، وارتفاع حصيلة القتلى، ومطالبة الشارع الإسرائيلي بالتوصل لاتفاق، يعتقد نتانياهو وزعيم حماس يحيى السنوار أن بقاءهما السياسي على المحك في حال قبولهما الاتفاق.

وقالت «بصراحة لا أتوقع أي تقدم كبير. وأعتقد أن نتانياهو على وجه الخصوص يدرك تمام الإدراك الاستحقاقات السياسية الأمريكية والمكونات المحلية لديه».

قدم بايدن دعماً قوياً لإسرائيل بعد هجوم السابع من أكتوبر، ووجه أحياناً نقداً لها بسبب «عدم بذل مزيد من الجهود لحماية المدنيين» في حربها المتواصلة في غزة والتي خلفت ما لا يقل عن 40939 قتيلاً على الأقل. لكن بايدن، باستثناء مرة واحدة، لم يلجأ لاستخدام ورقة الضغط الرئيسية وهي الحد من مليارات الدولارات من الأسلحة الأمريكية لإسرائيل - ما أثار غضب البعض في الجناح اليساري لحزبه. بينما يؤيد الحزب الجمهوري إسرائيل بشكل ساحق.

وبحسب المعهد العربي الأمريكي الذي يدعو إلى دعم أكبر للفلسطينيين، فإن استطلاعات الرأي التي أجراها أظهرت بأن كامالا هاريس قد تكسب أكثر مما تخسر حال اتخذت موقفاً أكثر صرامة تجاه إسرائيل، في حين أن العكس صحيح بالنسبة لترامب.

سد الفجوات

ويتفق غيث العمري، وهو زميل بارز في معهد واشنطن، على أن نتانياهو و«حماس» غير مهتمين بسد الفجوات، وأشار إلى صعوبة القضايا المتبقية. وقال «مجرد أننا أنجزنا 90% لا يعني أننا أقرب إلى التوصل إلى اتفاق».

وبحسب العمري الذي شغل في السابق منصب مستشار للسلطة الفلسطينية «لا أعتقد أن المفاوضين الأمريكيين ساذجون. فهم يدركون صعوبة الأمر. ولكنني أعتقد أن ما نراه الآن هو محاولة من جانب الولايات المتحدة لإبقاء المفاوضات حية». وقال «أعتقد أنه إذا تمكنا من التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، فيمكننا المضي قدماً على مسار التطبيع». لكن بحسب العمري فإنه يتوجب على واشنطن أيضاً مواصلة الدفع باتجاه وقف لإطلاق النار لإعادة الاستقرار في البحر الأحمر ومنع تصعيد النزاع في المنطقة بما في ذلك اندلاع حرب بين إسرائيل ولبنان.

وقال «هذا الشرق الأوسط. يمكن أن يزداد الأمر سوءاً دائماً، وهذا ما يحدث عادة».