تقارير البيان

هل تضع «حرب غزة» أوزارها قبل رمضان؟!

ت + ت - الحجم الطبيعي

في خضم الحرب المستمرة في قطاع غزة منذ أكثر من أربعة أشهر، هناك جهود متواصلة في جميع الاتجاهات تبحث عن إتاحة المزيد من الوقت لمفاوضات التهدئة وتحقيق وقف لإطلاق النار في رمضان. لكن الوزير الإسرائيلي، بيني غانتس، لمّح إلى إمكانية مواصلة الحرب خلال شهر رمضان المبارك، من خلال توسيع رقعتها لتصل إلى مدينة رفح جنوبي القطاع، في حال لم تفض الجهود السياسية إلى اتفاق جديد.

وقالت مصادر دبلوماسية، إن وفداً إسرائيلياً من المتوقع أن يصل إلى العاصمة المصرية القاهرة في الساعات المقبلة، بعد حدوث تقدم في المباحثات التي تجريها مصر مع وفد حركة حماس بشأن صفقة تبادل الأسرى. وتظل عيون الفلسطينيين شاخصة نحو القاهرة، بانتظار ما سيرشح عن جهود التهدئة، التي وصفها مراقبون بأنها «مصيرية!»، بحسبانها تحدد مصير الحرب في قطاع غزة، والمستمرة للشهر الخامس، بينما على الأرض بدت الأمور مختلفة، بفعل «لاءات» رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وإصراره على مواصلة القتال، وآخر فصوله الهجوم المرتقب على مدينة رفح.

عُقدت الاجتماعات، وتقدمت الأطراف المعنية بالمقترحات، وكثرت التصريحات والبيانات حول صفقة مرتقبة، وهدنة إنسانية مع قرب حلول شهر رمضان، وفي الأثناء بدا الغزيون وقد ملوا التصريحات التي لا تجد لها تجسيداً على الأرض، وكل ما يأملونه أن يلمسوا أفعالاً، تفضي إلى تحقيق تطلعاتهم، وفي مقدمتها وقف الحرب، وإغاثة من ضاق بهم قطاع غزة، من شاطئ البحر الأبيض المتوسط إلى رفح جنوباً. وما من سؤال يبحث الفلسطينيون عن إجابة شافية له أكثر من: هل ستنجح الجهود السياسية، التي تقودها مصر وقطر والولايات المتحدة الأمريكية، وأطراف أخرى عربية ودولية، في لجم الحرب قبل حلول شهر رمضان؟

للفلسطينيين مع الإسرائيليين، تاريخياً، تجارب كثيرة خلال شهر رمضان المبارك، ولغزة منها نصيب كبير، إذ تحفل بصدامات عنيفة، خصوصاً وأن المستوطنين لا يحلو لهم اقتحام المسجد الأقصى المبارك، إلا خلال الشهر الكريم، بحجة ممارسة طقوس دينية، الأمر الذي يؤجج مشاعر الفلسطينيين، ويقود إلى مزيد من التوتر والتصعيد، المشهد الذي تكرر خلال الأعوام الأخيرة.

التنفيذ

هنا تطفو على السطح، أسئلة عدة يطرحها مراقبون ومحللون، على نحو: طالما أن العالم بأسره يدفع باتجاه وقف الحرب، فلماذا لا تضع أوزارها، أقله خلال الشهر الفضيل؟.. وهل ستظل المنظمات الدولية كمجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة مجرد منابر لإطلاق الشعارات، أم ستخرج خطاباتها إلى واقع التنفيذ، وتبدأ عملية الطحن المثمر، بوقف الحرب في قطاع غزة تجسيداً لرغبة المجتمع الدولي؟.

من وجهة نظر مراقبين، فقد كانت لقاءات القاهرة مصيرية، للوقوف على مستقبل الحرب على قطاع غزة، وقد شددت الأطراف ذات العلاقة على أهمية وقفها بأي ثمن، وطرحت مسودة جديدة يتم بموجبها وقف الحرب لمدة ستة أسابيع من ضمنها شهر رمضان على أن تستمر خلال هذه الفترة، المفاوضات الجادة، لتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه من تبادل للأسرى وإدخال للمساعدات الإغاثية، وصولاً إلى وقف شامل للحرب، والبدء بإعادة إعمار قطاع غزة، لتأمين عودة النازحين  إلى ما تبقى من منازلهم.

لكن لاءات نتنياهو، أثارت مخاوف كبيرة، بعد أن أوصل رسائله إلى المجتمعين في القاهرة، بعدم الاستجابة للمطالب الفلسطينية، ما يتطلب اتخاذ إجراءات فعلية على الأرض، لثنيه عن مواقفه، كما يقول مراقبون.

استثمار وقت

برأي الخبير في الشؤون الإسرائيلية مهند مصطفى، فإن إسرائيل ترغب باستثمار عامل الوقت، حيث تأتي هذه المباحثات قبل أقل من شهر، على حلول شهر رمضان، الذي يفترض أن يكون شهر وقف الحرب، موضحاً: «هناك مخاوف من أن يكون رمضان شهر الانفجار في القدس والضفة الغربية، ولذا ينصب الرهان في هذه المرحلة، على الجهود السياسية، التي تبدو في سباق مع الوقت».

أما في ساحة المواجهة بقطاع غزة، فيخشى الفلسطينيون من نسف محادثات التهدئة وصفقة التبادل، من خلال إصرار نتنياهو على إطالة أمد الحرب، والتمهيد لهجوم واسع على رفح، وخصوصاً في ظل ما ألمح إليه من أن اجتياح رفح قد يستمر إلى ما بعد رمضان، باعتباره مفتاح الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين.

 ويعلق الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل بالقول: «يواجه نتنياهو صعوبات جمة يبرز في مقدمتها الرفض المصري لتقدم الجيش الإسرائيلي نحو محور فيلادلفيا، فضلاً عن الرفض الدولي لتهجير أهالي غزة، لكن هذه العقبات لن تمنع نتنياهو من تنفيذ تهديداته بالمضي قدماً في الحرب، كسبيل وحيد للإبقاء على ائتلافه، والمحافظة على دوره السياسي، وهذا بالنسبة له، يتقدم على مجمل علاقاته حتى مع أقرب حلفائه» في إشارة إلى أمريكا.

فهل يتم تعبيد الطريق نحو غزة آمنة، بإنهاء الحرب عليها، وإعادة إعمارها، أم أن نتنياهو سيجد طريقه سالكة نحو رفح؟، وهل ستخرج الجهود الدبلوماسية والمفاوضات السياسية لوقف الحرب، من الغرف المغلقة إلى حيز التنفيذ على الأرض؟ 

Email