تدور معارك كثيفة بين إسرائيل ومقاتلي «حماس» في شمال قطاع غزة، ما يزيد من صعوبة وضع مستشفيات القطاع التي باتت ساحة رئيسية للحرب، حيث أكدت مصادر أن الجيش الإسرائيلي واصل هجماته الجوية والمدفعية في محيط عدة مستشفيات رئيسية بمدينة غزة وشمالها، لاسيما مجمع الشفاء الطبي الأكبر في القطاع، في وقت تستمر الاشتباكات العنيفة في محاور ومناطق عدة في مدينة غزة.

وفي اليوم السادس والثلاثين للحرب، بات 20 من مستشفيات القطاع الـ 36 «خارج الخدمة» بحسب مكتب الشؤون الإنسانية لدى الأمم المتحدة.

ووقعت أمس، انفجارات وتبادل كثيف لإطلاق النار في مدينة غزة في شمال القطاع.

ولقي أكثر من 11078 فلسطينياً حتفهم، بينهم أكثر من 4506 أطفال في القصف الإسرائيلي على غزة، حسب وزارة الصحة في القطاع.

وتعرض مستشفى الشفاء لإطلاق نار، بحسب مديره محمد أبو سلمية الذي قال: «طوال الليل (قبل الفائت) تعرض مستشفى الشفاء ومستشفيات غزة لقصف مدفعي كثيف وقطعت الكهرباء لأربع ساعات في الشفاء بسبب استهداف مولد الكهرباء». وناشد «المجتمع الدولي الضغط على الحكومة الإسرائيلية لوقف استهداف المستشفيات وسيارات الإسعاف».

وقالت تقارير إنه لا يزال هناك 1500 مريض في مجمع الشفاء، إلى جانب 1500 من العاملين في المجال الطبي وما بين 15 ألفاً إلى 20 ألف شخص يبحثون عن مأوى.

إطلاق نار

وقال أبو سلمية، متحدثاً عبر الهاتف وسط أصوات إطلاق النار والانفجارات: «ليست هناك كهرباء. توقفت الأجهزة الطبية. المرضى، وبالأخص في الرعاية المركزة، بدأوا في الموت».

وأضاف أن القوات الإسرائيلية «تطلق النار على أي شخص خارج أو داخل المستشفى»، وتمنع الحركة بين المباني في المجمع.

وقال: «سنبقى ولن نغادر مهما كان الثمن»، وأضاف: «سنجري عمليات على ضوء الشموع».

ومات خمسة مرضى بعد توقف مولد الكهرباء، بينهم رضيع مبتسر، بعد نفاد الوقود من آخر مولد كهرباء، وفق ما ذكره مدحت عباس، المتحدث باسم وزارة الصحة.

وقال الطبيب مروان أبو سعدة مدير قسم الجراحة في مستشفى الشفاء: «قصفوا غرفة العناية المركزة. يطلقون النار ويقصفون كل مكان حول المستشفى، لا يمكنكم الدخول أو الخروج من المستشفى. الوضع في المستشفى خطير جداً جداً».

وأكد المتحدث باسم وزارة الصحة بغزة أشرف القدرة، مقتل شخص وإصابة آخرين بجروح جراء ضربات على مبنى العناية المركزة الذي يضم نحو 60 مريضاً، بحسب المستشفى.

الصحة العالمية

وذكر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم جيبريسوس أن منظمته «منزعجة بشكل كبير» بسبب تقارير بشأن غارات جوية إسرائيلية، قرب مستشفى «الشفاء».

وكتب على منصة التواصل الاجتماعي«إكس» أن «الكثير من موظفي الصحة، الذين اتصلنا بهم، اضطروا لمغادرة المستشفى، بحثاً عن مكان آمن. ويتحدث آخرون عن أنهم لم يتمكنوا من التحرك بسبب مخاطر أمنية»، حسب الموقع الإلكتروني لصحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية «واي.نت».

وأضاف: «يضطر الكثير من الآلاف، الذين لجأوا إلى المستشفى، لإخلائها، بسبب المخاطر الأمنية، بينما لا يزال الكثيرون هناك».

وعبر المدير العام للجنة الدولية للصليب الأحمر روبرت مارديني باسم اللجنة عن «صدمته للصور والمعلومات الآتية من مستشفى الشفاء».

وقال مارتن غريفيث، منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة: «لا يمكن أن يكون هناك تبرير لأعمال الحرب في منشآت الرعاية الصحية، والتي تتركها بلا كهرباء ولا غذاء ولا مياه».

وصورت إسرائيل مستشفى الشفاء بأنه مركز القيادة الرئيسي لـ «حماس»، الأمر الذي ينفيه المسؤولون الصحيون في المستشفى. وقال الكولونيل بالجيش الإسرائيلي، موشيه تيترو، إن اشتباكات وقعت أمام المستشفى، لكنه نفى أن يكون تحت الحصار أو تحت هجوم مباشر. وقال إنه على اتصال بمدير المستشفى، وإنه عرض ممراً آمناً للراغبين في المغادرة من خلال الجانب الشرقي للمجمع.

وفي أنحاء أخرى، أعلن الهلال الأحمر الفلسطيني أن دبابات إسرائيلية باتت على بعد 20 متراً من مستشفى القدس في حي تل الهوى بمدينة غزة، وسببت «حالة من الخوف والذعر الشديد» بين 14 ألف نازح يحتمون بالمكان.

معارك شرسة

وأعلن الجيش الإسرائيلي أن قواته تعمق توغلها وتخوض قتالاً مباشراً في مخيم الشاطئ للاجئين ومحاور أخرى في مدينة غزة، في حين لقي عشرات الفلسطينيين حتفهم في غارات متنقلة على القطاع.

كما أعلن الجيش الإسرائيلي، مقتل 5 من جنوده خلال اشتباكات مع مقاتلين فلسطينيين. وذكرت صحيفة «هآرتس» على موقعها الإلكتروني أن الجيش كشف أسماء 5 جنود قتلوا وستة آخرين أصيبوا بجروح خطيرة، وأعمارهم ومناطق سكناهم.

وبدوره، ذكر موقع «واللا» الإخباري الإسرائيلي الواسع الانتشار أن الجنود وهم من وحدات النخبة مثل «غفعاتي» و«شلداغ»، قتلوا خلال معارك وقعت في شمال غزة.

وتظهر الأرقام الرسمية الإسرائيلية مقتل 43 جندياً منذ بداية الهجوم البري.

وفي المحصلة، قتل 359 جندياً منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر.