لم يعد استكشاف الفضاء مجرد حلم بعيد، بل تحول إلى سباق محتوم، تتكامل فيه جهود الوكالات الحكومية العملاقة مثل ناسا، مع القوة الدافعة للقطاع الخاص، متمثلة في شركات مثل «بلو أوريجين»، المشهد اليوم هو مشهد اللحظات الأخيرة قبل الانطلاق نحو أبعد نقطتين القمر والمريخ، وهو مشهد يجسد قوة التنافس بين المليارديرين إيلون ماسك وجيف بيزوس نحو السيطرة على الفضاء.
«أرتميس 2» جاهزة للانطلاق
تعتبر مهمة «أرتميس 2» أكثر من مجرد رحلة فضائية؛ إنها عودة تاريخية للبشرية للدوران حول القمر، تمهيداً لبناء أول قاعدة بشرية دائمة هناك. وصلت ناسا الآن إلى مرحلة التكامل النهائي، التي تعد بمثابة «تغليف الهدية» قبل الإطلاق:
تم بنجاح دمج محول المرحلة الخاص بمركبة «أوريون» مع باقي أجزاء صاروخ نظام الإطلاق الفضائي (SLS). يمثل هذا المحول نقطة ربط أساسية، وهو يضمن أن تحمل المركبة «أوريون» طاقمها بأمان أثناء الانطلاق، وأن تتمكن من الانفصال في الوقت المناسب.
صاروخ عملاق
هذا العمل المعقد يتم في مبنى التجميع الضخم التابع لناسا، وهو يمثل الخطوة الأخيرة الرئيسية في تجميع الصاروخ الأقوى في العالم قبل نقله إلى منصة الإطلاق.
الوصول إلى هذه النقطة يعني أن جميع المكونات الحيوية أصبحت جاهزة، وأن الأنظار تتجه نحو الموعد المنتظر للإطلاق التجريبي، الذي سيحمل رواد فضاء للدوران حول القمر، واختبار الأنظمة الحياتية الحساسة للمركبة «أوريون» قبل الهبوط البشري التالي.
تحدي بيزوس
فيما تستعد شركة «بلو أوريجين» التابعة للملياردير جيف بيزوس لإطلاق أول مهمة لها إلى المريخ، بالتعاون مع ناسا- هذه المهمة فريدة من نوعها، حيث تتكون من مركبتين متطابقتين ستتجهان نحو مدار المريخ. الغرض ليس الهبوط، بل دراسة الغلاف الجوي للمريخ وتفاعله مع الرياح الشمسية.
الهدف العلمي لـ ESCAPADE هو فهم آلية فقدان المريخ لغلافه الجوي عبر الزمن. هذا التفاعل المستمر بين الكوكب والرياح الشمسية هو مفتاح معرفة كيف تحول المريخ من عالم دافئ رطب (ربما كان قابلاً للسكن) إلى الصحراء الباردة والمهجورة التي نعرفها اليوم.
إعلان ناسا و«بلو أوريجين» عن فتح الاعتماد الإعلامي للإطلاق يؤكد أن المهمة في مراحلها النهائية وجاهزة للانطلاق قريباً. هذا يمثل لحظة فارقة في تاريخ الشركة لدخولها مجال الاستكشاف الكوكبي العميق.
سباق الألفية الجديدة
تؤكد هذه التحضيرات أن سباق الفضاء لم يعد مجرد مسألة «من يصل أولاً»، بل أصبح يتعلق بـ«من يبقى»، ليفهم مهمة Artemis II، التي تبني الجسور نحو استيطان القمر، بينما مهمة ESCAPADE تفتح آفاقاً جديدة لفهم الكواكب الصخرية الأخرى، ما يدفع البشرية خطوة أقرب نحو الهدف النهائي لجعل الحياة متعددة الكواكب.
