روبوتات الذكاء الاصطناعي تتفوق على الأطباء بدقة صادمة


في تطور مفصلي قد يعيد رسم خريطة الرعاية الصحية العالمية كشفت أبحاث حديثة أن روبوتات الدردشة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي «AI Chatbots» غالباً ما تتجاوز دقة الأطباء البشريين في عملية التشخيص الطبي، ومع ذلك تترافق هذه القدرة الفائقة مع تحذير جدي بأن هذه الأدوات تحتاج إلى ضمانات قوية، لتجنب خطر الإفراط في الوصفات الطبية، وهو ما قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على صحة المرضى.

تفوق تشخيصي
تُظهر دراسات متزايدة أن نماذج اللغة الكبيرة «LLMs» – التي تُشغّل روبوتات الدردشة – لديها قدرة مذهلة على معالجة وتحليل كميات هائلة من البيانات الطبية، بدءاً من الأعراض التي يصفها المريض، وصولاً إلى تاريخه الطبي ونتائج الفحوصات المخبرية، وقد أشار تقرير نشرته «Phys.org - Medical Xpress» إلى أن هذه الأدوات، عند تقييمها في سيناريوهات سريرية محاكاة، غالباً ما تقدم تشخيصات أكثر دقة وشمولاً مقارنة بمتوسط أداء الأطباء.

تفوق مذهل
ويُعزى هذا التفوق إلى عاملين رئيسيين هما: سرعة تحليل البيانات، حيث يستطيع الذكاء الاصطناعي استيعاب وتلخيص ملايين الأبحاث والبروتوكولات السريرية في ثوانٍ، ما يتجاوز بكثير قدرة أي طبيب بشري على الاستدعاء اللحظي للمعلومات، بجانب قدرة الروبوت على تجنب التحيز البشري والإرهاق على عكس الأطباء الذين قد يتأثرون بالإرهاق أو التحيز المعرفي يعتمد الروبوت على الخوارزميات الباردة، ما يضمن دقة وثباتاً أعلى في عملية اتخاذ القرار التشخيصي.

خطر الإفراط في الوصف
رغم النجاح التشخيصي يكمن التحدي الأكبر في وصف العلاج، وتشير الأبحاث إلى أن روبوتات الدردشة تميل إلى وصف علاجات أو أدوية بشكل مفرط، أو تقترح خططاً علاجية، تتضمن تدخلات طبية غير ضرورية في بعض الحالات.
ويرجع سبب إفراط الذكاء الاصطناعي في الوصفات الطبية لأنه يتم تدريب النماذج على كميات هائلة من النصوص الطبية، والتي قد تكون متحيزة تجاه «وصف علاج» كونه إجراء افتراضياً بعد التشخيص، حتى لو كان التدخل غير دوائي هو الأفضل.
كما يفتقر الروبوت إلى الفهم الكامل للسياق البشري، مثل تكلفة الدواء، التفاعلات الدوائية المعقدة، أو تأثير الإفراط في استخدام المضادات الحيوية على المقاومة البكتيرية، بعبارة أخرى هو يفتقر إلى الحكمة السريرية، التي تتشكل عبر سنوات من الخبرة البشرية.
قد تكون الخوارزمية مُبرمجة على تفضيل الخيار الأكثر «شمولية» لعلاج كل عرض محتمل لتجنب «إغفال» شيء ما، ما يؤدي عملياً إلى الإفراط في العلاج.

ضوابط سلامة إلزامية
يؤكد التقرير البحثي أن دمج هذه التكنولوجيا في الرعاية الصحية يتطلب صياغة ضمانات قوية، للحد من الأضرار المحتملة. وتشمل هذه الضمانات: «نظام التحقق المزدوج (Human-in-the-Loop) يجب أن تخضع جميع خطط العلاج والوصفات الطبية الصادرة عن الذكاء الاصطناعي، لمراجعة إلزامية من قبل طبيب بشري قبل تنفيذها، كما يجب تطوير مجموعات بيانات ونماذج تدريبية تكافئ الذكاء الاصطناعي على اختيار «الانتظار والمراقبة» أو التدخلات غير الدوائية عندما تكون مناسبة، بدلاً من تفضيل الوصفات الدوائية.
وتحتاج الهيئات التنظيمية (مثل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية FDA أو ما يعادلها عالمياً) إلى وضع إرشادات واضحة حول متى يسمح لروبوتات الدردشة بتقديم توصيات علاجية، وحدود مسؤوليتها القانونية.
إن روبوتات الذكاء الاصطناعي لديها القدرة على أن تكون قوة دافعة لا مثيل لها في تحسين دقة التشخيص وتسهيل الرعاية، خاصة في المناطق النائية أو التي تفتقر إلى الأطباء، لكن دمجها بنجاح يتطلب أن تبقى الأخلاق والسلامة البشرية هي الضابط الأساسي لسرعة تطورها التقني.