الذكاء الاصطناعي يشارك في استكشاف واستخراج النفط


لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد «رفاهية» تقنية في قطاع الطاقة، بل أصبح شريان الحياة الجديد الذي تضخه كبرى الشركات العالمية في عروق عملياتها. ففي ظل التحديات المزدوجة المتمثلة في ضرورة تحقيق أقصى كفاءة تشغيلية وخفض التكاليف، بالتوازي مع تلبية متطلبات التحول الطاقي والاستدامة، لم يعد الـ AI تقنية إضافية، بل تحوّل إلى محرك استراتيجي لإعادة تعريف عمليات الاستكشاف والإنتاج.
ومع اقتراب عام 2026، تتجه كبرى شركات الطاقة نحو دمج خوارزميات الذكاء الاصطناعي في صميم عملياتها، مرتكزة على اتجاهات رئيسية لتعظيم القيمة من الأصول القائمة والمستقبلية.

لقاء البيانات بالثروة
تتركز تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي تقود عملية التحول الرقمي في القطاع على محاور أساسية تُحوّل المجهود المضني والمكلف إلى عملية ذكية ودقيقة حيث نعمل على تعزيز نمذجة الخزانات وإدارة الحقول وتقول وداعاً للعصر الذي كانت فيه نمذجة الخزانات عملية معقدة، ومكلفة، وتعتمد على التقديرات. اليوم، تقلب خوارزميات التعلم الآلي والتعلم العميق الطاولة عبر قدرتها على تحليل البيانات الضخمة في لمح البصر حيث تقوم الخوارزميات بمسح وتحليل مليارات نقاط البيانات الجيولوجية والزلازلية بسرعة فائقة، الأمر الذي كان يستغرق شهوراً من فرق العمل.

نماذج ثلاثية
يتم إنشاء نماذج خزانات أكثر دقة وواقعية، مما يقلل من هامش عدم اليقين في تقديرات الاحتياطيات. ويمكن للـ AI التنبؤ بأداء الحقل وتحديد أفضل مواقع الحفر بدقة متناهية. النتيجة؟ تقليل مخاطر الآبار الجافة وتحسين معدلات نجاح الاستكشاف بنسبة كبيرة، وهو ما يُترجم مباشرة إلى توفير مالي ضخم. وتعد أعطال المعدات غير المتوقعة في بيئة النفط والغاز مكلفة وخطيرة حد الكارثة. هنا يتدخل الذكاء الاصطناعي ليصبح المنجّم الإلكتروني الذي يحذر قبل فوات الأوان. يُستخدم الـ AI في المراقبة المستمرة الذكية، حيث يراقب آلاف أجهزة الاستشعار المثبتة على المضخات، وخطوط الأنابيب، ومنصات الحفر، ليجمع بيانات حول أدق التغيرات في الاهتزازات والحرارة والضغط. وتستطيع الخوارزميات توقع وقت تعطل المعدة قبل حدوثه بأسابيع أو أشهر بناءً على أنماط البيانات الشاذة.
يُحول الذكاء الاصطناعي استراتيجية الصيانة من «رد الفعل» بعد العطل إلى «الاستباقية والتنبؤية». هذا يقلل من وقت التوقف المكلف ويطيل العمر الافتراضي للأصول، مما يضمن تدفقاً سلساً ومستداماً.

تحسين الإنتاج
الهدف الأسمى لشركات النفط هو تحقيق أقصى إنتاج بأقل تكلفة طاقة. يعمل الذكاء الاصطناعي هنا كـمشغّل آلي فائق الذكاء، يسعى لضبط العمليات التشغيلية بشكل مستمر ويتم استخدام الروبوتات والآليات المبرمجة بالذكاء الاصطناعي في بيئات خطرة أو صعبة الوصول (مثل العمليات تحت الماء أو الحفر الأفقي)، مما يقلل من المخاطر البشرية ويزيد من سرعة ودقة العمليات.
يحلل الـ AI بيانات تدفق السوائل والغازات بشكل آني (Real-time)، ويضبط معلمات الإنتاج تلقائياً لتعظيم الاستخلاص وتقليل استهلاك الطاقة.
إن دمج الذكاء الاصطناعي ليس مجرد تحديث تقني، بل هو رهان استراتيجي يُمكن الشركات من استخلاص مزيد من النفط والغاز من نفس الخزانات بتكاليف أقل، مع الالتزام بمعايير بيئية أكثر صرامة.