هل تفوز الصين بمواهب أمريكا في حرب التأشيرات؟


في خطوة استراتيجية جريئة أشعلت شرارة جديدة في حرب التكنولوجيا العالمية، بدأت الصين بطرح نوع جديد من التأشيرات يطلق عليه اسم تأشيرة «K»، مستهدفة بشكل مباشر استقطاب الكفاءات والمواهب الأجنبية في المجالات الحيوية للنمو المستقبلي في العلوم، والتكنولوجيا، والهندسة، والرياضيات (STEM).

تأشيرة «H-1B»
تأتي هذه الخطوة في توقيت دقيق للغاية، حيث تشهد الولايات المتحدة الأمريكية استمراراً في تشديد متطلبات وشروط الأهلية للحصول على تأشيرة «H-1B»، الأكثر طلباً من قبل العمال المهرة الأجانب. ويُنظر إلى إطلاق تأشيرة «K» الصينية، التي تستهدف بشكل خاص النخبة العلمية والتقنية، على أنه محاولة محسوبة لاستغلال «فجوة المواهب» الناتجة عن سياسات الهجرة الأكثر صرامة في واشنطن.

ملء الفراغ وتعزيز الاكتفاء الذاتي
لقد وضعت الصين هدفاً طموحاً في مجالات الذكاء الاصطناعي والابتكار بحلول عام 2030. 
ومع التحديات التي يواجهها المهنيون المهرة في الحصول على تأشيرة «H-1B» في أمريكا، بما في ذلك رسوم مرتفعة (قد تصل إلى 100 ألف دولار سنوياً وفق مقترحات أخيرة)، وتشدد في قواعد الهجرة، تقدم تأشيرة «K» الصينية بديلاً مغرياً لا يتطلب كفيلاً من صاحب عمل، وهو ما يمنح المتقدمين مرونة أكبر ويقلل التكاليف بشكل كبير، وتوفير مسار سريع وفعال للحصول على الإقامة والعمل للمتخصصين، بعكس التعقيدات والقرعة التي تحكم نظام «H-1B» الأمريكي، مع استهداف واضح للكفاءات في القطاعات ذات الأولوية القصوى لبكين، مثل الرقائق الإلكترونية، والذكاء الاصطناعي، والطاقة النظيفة، وعلوم الفضاء.
التأشيرة الجديدة قد تتضمن حوافز مالية، وبيئة عمل وبحث مدعومة حكومياً، وتسهيلات معيشية لجذب الباحثين والعلماء. وتهدف بكين من خلال هذه المبادرة إلى تعزيز اكتفائها الذاتي في التكنولوجيا وتقليل اعتمادها على الغرب، في ظل تزايد التوترات الجيوسياسية وقيود التصدير التكنولوجي.

«H-1B» في مهب الريح
في المقابل، لطالما كانت تأشيرة «H-1B» الأمريكية، التي يتقاتل عليها عشرات الآلاف من المتقدمين سنوياً، محط انتقاد بسبب تزايد الرسوم المقررة بشكل كبير يضع عبئاً مالياً ضخماً على كاهل الشركات الأمريكية الراغبة في توظيف العمالة الماهرة الأجنبية، فضلاً عن نظام القرعة (Lottery)، وهو الاعتماد على الحظ في اختيار المتقدمين المؤهلين يخلق حالة من عدم اليقين ويهدد مخططات شركات التكنولوجيا في وادي السيليكون، التي تعتمد بشكل كبير على هذه الكفاءات، خصوصاً من الهند التي تستحوذ على نسبة كبيرة من التأشيرات الممنوحة.
إن التناقض بين البيروقراطية والتشديد في واشنطن، وبين التسهيلات والجاذبية في بكين يضع العقول العالمية، وخصوصاً خريجي الـSTEM، أمام خيار مفصلي، وسباق الهيمنة التكنولوجية لم يعد محصوراً بالمختبرات والمصانع، بل امتد ليصبح معركة تأشيرات عالمية.