سر "سايد لود".. رصاصة جوجل الأخيرة في صدر هواوي!

الحرب الأمريكية على التكنولوجيا الصينية، بعضها ظاهر وواضح للجميع، والبعض الآخر كامن بين السطور في بعض القرارات المخفية، وبعض تلك القرارات المخفية سيكون أثره كبيراً على قطاع الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية في هواوي.. فما هو القرار المخفي الذي يستهدف هواوي على وجه الخصوص وما تأثيره على الشركة الصينية؟

قبل عرض القرار الأخير لشركة جوجل والذي يستهدف هواوي بشكل كبير، لابد من عرض الخلفية التاريخية للصراع الأمريكي الصيني، الذي راحت هواوي ضحية له، والبداية منذ سنوات وفي الفترة الرئاسية الأولى للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي بدأ موجة الحرب التكنولوجية على الصين، تلك الحرب التي كان هدفها منع الشركات الصينية من التوسع تكنولوجياً وابتلاع الأسواق، بعدما تزايد خطر عملاق صناعة الهواتف هواوي على الأجهزة الأمريكية مثل أبل، أو المدعومة من أمريكا مثل سامسونج، وكانت كل المؤشرات في 2017 تقول إن هواوي في طريقها للسيطرة على الحصة السوقية الأكبر متخطية أبل وسامسونج وجوجل.

فكان قرار ترامب الأشهر في ديسمبر 2018 باعتبار هواوي غير واضحة في سياسات الخصوصية، والذي بناء عليه تم حجب خدمات جوجل عن أجهزتها، تلا ذلك عمليات تضييق على العملاق الصيني على كافة الأصعدة، بداية من وضع حد أقصى لها في تحديثات أندرويد، لتصبح آخر نسخة أندرويد مسموح بها لهواوي هي أندرويد 12، والذي لا تزال الشركة الصينية تطرح أجهزتها به رغم وصول المنافسين إلى أندرويد 16.

ووفقاً لـ«رويترز» التي وضعت خطاً زمنياً للتضييقات على هواوي اتخذت إدارة الأمن القومي قراراً بمنع الشركة الصينية من تقديم خدماتها في الهوائيات وحلول الاتصالات، بدعوى قيام هواوي بالتنصت وجمع البيانات بشكل غير قانوني، ما يمثل خطراً على الأمن القومي الأمريكي.

وفي 2018 واصلت الإدارة الأمريكية تضييقها على هواوي بمنع كل الشركات الأمريكية من التعامل مع الشركة الصينية في مجال الاتصالات، قبل أن تضعها الولايات المتحدة رسميا في القائمة السوداء في مايو 2019، واشتراط موافقة رسمية من الحكومة الأمريكية قبل تصريح استخدام أي تكنولوجيات أمريكية لهواوي.

ليتواصل الأمر ويرسو عند بر منع هواوي نهائياً من الولايات المتحدة، بل ومنع شركات مثل جوجل وكوالكم وتي إس إم سي التايوانية من التعامل مع هواوي، والذي كان الهدف منه وفقاً للمحللين القضاء على عملاق صيني بدأ ينتشر ويتوغل في الأسواق.

إلا أن ضربات ترامب التي لاتزال سارية على هواوي لم توقفها، ولم تحقق الغرض منها بالقضاء على الشركة، ربما حدت من انتشارها وقللت من سرعة توغلها في الأسواق، ولكن لم تقض على العملاق الصيني، وإنما دفعته للابتكار، في مجال العتاد "الهارد وير"، مع وجود ثغرة التحميل الخارجي للتطبيقات، والتي من خلالها عملت هواوي على تحميل التطبيقات للمستخدمين.

رصاصة أخيرة

وهنا جاءت الرصاصة الأخيرة عندما أعلنت جوجل في نهاية أغسطس وضع شروط لتحميل التطبيقات من خارج متجر جوجل، وأوقفت ما يسمى بالـ"سايد لود" أي التحميل من خارج المتجر، ما لم يكن المطور معتمداً في جوجل، الأمر الذي سيمنع العديد من التطبيقات التابعة لهواوي أو المسهلة لعملية تحميل خدمات جوجل من النزول على أجهزة هواوي.

وربما سيكون ذلك دافعاً لهواوي لمزيد من التطوير والاستقلالية لنظام تشغيل لهواتفها الذكية الذي أسمته «هارموني أو إس»، ولكنه لم يصدر خارج الصين بعد، ومع التضييقات الحالية، بات لزاماً على هواوي أن تطرح نظام تشغيلها عالمياً، ولكن ذلك الطرح سيواجه أزمة مع البرامج الأمريكية الشائعة سواء من حزمة جوجل مثل يوتيوب وخرائط جوجل وغيرها، أو من ميتا ومجموعتها فيسبوك وواتسآب وإنستغرام، هل ستطور برامجها للعمل مع نظام تشغيل صيني؟ وهل ستسمح الإدارة الأمريكية لتلك الشركات بتطوير برامجها للعمل مع نظام تشغيل هواوي؟

وفي ظل الوضع القائم ومع قرار جوجل المخفي الذي كانت دعايته المعلنة هي الحد من البرامج الضارة وزيادة الأمان في نظام أندرويد، فالهدف غير المعلن من قرار جوجل بتضييق الخناق على تحميل البرامج من خارج المتجر، هو غلق الثغرة أمام هواوي تماماً لإنهاء وجودها خارج الأسواق الصينية.. فكيف ستتعامل هواوي.. وهل ستجد مخرجاً من تلك الأزمة؟