الإمارات تقود التحول التاريخي نحو السلام في المنطقة

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

صنعت دولة الإمارات في عام 2020، العديد من اللحظات التاريخية على مستوى العالم، لعل من أكثرها من حيث التأثير الدولي، قيادة المنطقة إلى التحول نحو السلام، وتغيير دينامية الصراع المفتوح منذ عقود، إلى السلام المثمر، في خطوة وصفت بـ «الإنجاز الأكثر أهمية في المنطقة منذ 30 عاماً»، والتي نجحت فيها دولة الإمارات، برؤية واقعية متزنة، وبعد قراءة متأنية للمتغيرات الجيوسياسية التي شهدتها المنطقة، في قيادة تحول تاريخي من أجل التغيير بالمنطقة.

قيادة استراتيجية

قاد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، تنفيذ الرؤية الاستراتيجية لدولة الإمارات، في فتح المجال أمام سياسات التنمية لشعوب المنطقة قاطبة، وهذه الرؤية، أثمرت عن تحقيق التحول التاريخي في مسار السلام.

واختارت وكالة «بلومبيرغ» سموه، ضمن أبرز 50 شخصية غيرت المشهد العالمي خلال عام 2020، وقالت إن صاحب السمو «ولي عهد أبوظبي، قلب الجغرافيا السياسية رأساً على عقب، عندما وقّع الاتفاق الإبراهيمي مع إسرائيل، في خطوة هي الأولى من نوعها في المنطقة، منذ اتفاق الأردن وإسرائيل، قبل 26 عاماً».

وتعد المعاهدة التاريخية، خطوة شجاعة، وبنظرة واقعية بعيدة عن الشعارات، التي لم تُقدم شيئاً لعملية السلام في الشرق الأوسط، ولا للقضية الفلسطينية، قادت دولة الإمارات زمام المبادرة، لإقامة علاقات دبلوماسية رسمية كاملة مع إسرائيل، في الحدث الأبرز عام 2020، على صعيد المتغيرات، انطلق من رؤية قائمة على قراءة متأنية وواقعية للواقع، ومثّل ضربة قاصمة لمعسكر التطرف والإرهاب، الذي دأب على توظيف القضية الفلسطينية لصالح مطامعه وأجنداته في المنطقة.

شكّل ذلك «الإنجاز الدبلوماسي الأكثر أهمية في الشرق الأوسط منذ ثلاثين عاماً»، طبقاً لوصف وكالة بلومبيرغ، ففي 13 أغسطس 2020، تم الإعلان عن الاتفاقيات الإبراهيمية، بين الإمارات وإسرائيل، والبحرين وإسرائيل، لتصبح الإمارات هي الدولة الخليجية الأولى التي تتخذ تلك الخطوة الشجاعة، والتي أفضت إلى وقف الضم الإسرائيلي لأراضي الضفة الغربية.

نقطة تحول

الاتفاق الذي شكل اختراقاً تاريخياً لصراعٍ يستنزف المنطقة منذ سبعة عقود، ليكون عام 2020 بذلك، نقطة تحول في قيادة التغيير في الشرق الأوسط، جاء اتساقاً مع قيم السلام الإماراتية، ونهج التسامح من جهة، ومن جهة أخرى، من أجل التعامل -بنظرة واقعية- مع التهديدات التي تواجه حل الدولتين، وتحديداً، ضم الأراضي الفلسطينية، ما شكّل مقدمة لعودة المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وتحريك مياه عملية السلام الراكدة، بنظرة استراتيجية حصيفة وغير مندفعة، مثلت بارقة أمل حقيقية في حلحلة الأمور، والخروج من مستنقع الجمود، وذلك بناءً على دراسة متأنية لطبيعة التحديات والمخاطر التي تواجه المنطقة، وقراءة استراتيجية لحجم المتغيرات السياسية التي شهدتها المنطقة في السنوات الأخيرة، ومع إخفاق السياسات السابقة، والتي لم تفضِ إلى نتائج تحفظ الأمن والسلام.

في المحصلة، أوجد القرار الإماراتي الشجاع، إدراكاً متنامياً على صعيد المنطقة، لأهمية الخطوات الجادة العقلانية، في سبيل التوصل لحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، بما ينعكس على أمن واستقرار المنطقة، الأمر الذي يشكل تياراً عقلانياً، يدعم ويقوي معسكر السلام، إيماناً بالحلول السلمية التفاوضية. سيدخل عام 2020 التاريخ، كنقطة تحول كبرى في مسار واحدة من أعقد صراعات العالم المزمنة.

فتحت الخطوة الإماراتية الشجاعة، الطريق أمام عدد من الدول، في إطار المتغيرات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة، وكانت البداية مع مملكة البحرين، ففي الحادي عشر من شهر سبتمبر من العام نفسه، وقّعت البحرين اتفاق السلام مع إسرائيل، بعد أن كان التوقيع الأول، هو على إعلان تأييد السلام.

وبعد الإمارات والبحرين، وقّع السودان في 23 أكتوبر 2020، اتفاق السلام مع إسرائيل، ليكون بذلك خامس بلد عربي يخطو تلك الخطوة، بعد كل من مصر (1979)، والأردن (1994)، والإمارات والبحرين. وتستهدف تلك الاتفاقية، تسوية العلاقات بين البلدين، وإقامة علاقات دبلوماسية كاملة.

وفي العاشر من شهر ديسمبر 2020، انضم المغرب إلى قائمة الدولة بمعسكر السلام، وتم الإعلان عن اتفاق السلام بين المغرب وإسرائيل، والاتفاق على إقامة علاقات دبلوماسية كاملة، ليصبح المغرب سادس دولة عربية، تعلن اتفاق سلام مع إسرائيل. بينما من المتوقع أن تتبعها دول عربية أخرى، في اتخاذ خطوات شجاعة نحو السلام.

رسائل إيجابية

أدركت السلطة الفلسطينية، حقيقة ما تنطوي عليه تلك الخطوات من رؤية واقعية للقضية الفلسطينية، فبدأت في استدراك الواقع، ومحاولة اللحاق بالركب، وأعلنت في 17 نوفمبر 2020، إعادة مسار العلاقات مع إسرائيل، إلى ما كانت عليه قبل 19 مايو، حينما أعلن الرئيس محمود عباس، الانسحاب من جميع الاتفاقات والتفاهمات مع الحكومتين الأمريكية والإسرائيلية.

جاءت تلك الخطوة «على ضوء الاتصالات الدولية التي قام بها الرئيس محمود عباس، بشأن التزام إسرائيل بالاتفاقيات الموقعة معها، واستناداً إلى ما ورد إلى السلطة من رسائل رسمية مكتوبة وشفوية، بما يؤكد التزام إسرائيل بذلك».

وفي ظل تلك المتغيرات والرسائل الإيجابية، يصير الباب مفتوحاً أمام استئناف عملية السلام، والتعامل مع ذلك الصراع الممتد، الذي يستنزف المنطقة منذ عقود.

عززت تلك المتغيرات المفصلية، التمايز بين معسكرين تشهدهما المنطقة، معسكر السلام، الذي يقوى، في مواجهة معسكر التطرف الداعم للإرهاب، الذي ما انفك يستغل الصراع ويوظفه لخدمة أهدافه في المنطقة، وفي اللعب بمشاعر العالم العربي.

إجمالاً، شكّل عام 2020، انتقالاً تاريخياً فاصلاً في قضية السلام بالشرق الأوسط، قادته دولة الإمارات، مدفوعة بثقافة متجذرة منذ عهد الوالد المؤسس، المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، تعلي قيم السلام والتسامح والعيش المشترك، وبخطوات مماثلة من دول عربية، أدركت بشكل شجاع، حجم المتغيرات التي شهدتها المنطقة، لا سيما خلال العقد الماضي، وبمباركة وترحيب دوليين، بما يعد صفعة لمعسكر الشر والتطرف، تلك المعطيات التي تفتح الطريق أمام واقع مختلف كلياً عما سبق خلال العقود الماضية.

التزام راسخ

تولي دولة الإمارات القضية الفلسطينية اهتماماً كبيراً، ووضعتها على رأس أولويات سياساتها الخارجية، وتؤكد الدولة في المحافل الدولية، وتحركاتها السياسية، التزامها بالقضية الفلسطينية، وأنها لن تتخلى عن موقفها الراسخ، الذي يتماشى مع الموقف العربي، في دعم قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وفقاً للمرجعيات الدولية، ومبادرة السلام العربية. وتحقيق ذلك يتطلب بذل الجهود، ودعم المبادرات التي تهدف إلى خلق بيئة مناسبة لتحقيق السلام، وإقامة حل الدولتين.

اقرأ أيضاً:

عام النصر الدبلوماسي للصحراء المغربية

الاقتصاد العـــــالمي آلام وآمال2020

لمشاهدة الملف ...PDF اضغط هنا

Email