نستكمل حلقة الأمس من موضــوع الغوص، لكونه مملكة في البحر وفق نظام عجيب، وهو من المعلومات الغنية والحقيقيــة التي تركها للحاضر والمستقبل أحد أشهر وأنجب الرواة والباحثين والموثقين الاماراتيين للتراث الشفاهي والمادي المرحوم راشـد عبيد الشــوق، وقد توقفنــا عند أنــواع الغوص ومنه:

غوص الردة

وهي العودة مرة أخرى إلى الغوص بعد نهاية الموسم، وتستمــر هذه الرحلة مدة شهر واحد تقريبــا، حيث يرجــع بعض الغاصة (6 أفراد أو أكثر قليلا) للهيرات لجمع أكبر قدر من المحار ويعودون بعدها وهو اختياري للغاصة.

غوص العزبة أو الرديدة

يبدأ بعد غوص الردة حيث يتفق مجموعة من البحَّارة على الذهاب مرة أخرى إلى الغوص بواسطة مراكب صغيرة تسمى (شواحيف) وعادة ما يتم بين منطقتي أم سقيم وجميرا، وهي مناطق قريبة من الساحل يقومون بجمع المحار منها. وتستمر هذه الرحلة مدة تتراوح بين 10 إلى 15 يوما.

أشهر سفن الغوص

من أشهر سفن الغوص المستخدمة في ذلك الوقت (مفرح، بو هداق، الغيص، السيد، الغريفة، مكية) ويعتبر السمبوق أكبر سفن الغوص وأشهرها، وتليها في الحجم الصمعا، فالجالبوت، والبتيل، والشوعي. يعتبر هير أم الشيف من المغاصات التي يتم الحصول منها على أفضل أنواع اللؤلؤ وكان هذا الهير المفضل عند النوخذا حميد البسطي، وذلك لجودة محصوله من المحار. أما أخطر الهيرات فهو هير ابو البخوش وهير محزم حيث توجد الأسماك الضخمة الخطرة.

كان يستدل على أماكن الهيرات بواسطة البوصلة (الديره) والنجوم البالغ عددها 32 نجما منها.. مغيب الياه، الجوزاء، الثريا، العقرب، سهيل، وأيضا كانت هناك الخارطة التي وضعها الشيخ مانع بن راشد آل مكتوم رحمه الله لتحديد مغاصات اللؤلؤ بين الدول الخليجية.

"التقصيرة" نهمة تثبيت السفينة

عند الوصــول إلى المغاص المرغــوب يتــم تثبيت السفينــة على الهيــر بواسطــة (الخراب) وهو الحبل الذي يربط في منتهاه (السن) الــذي يضرب في قــاع البحر، وهو مصنــوع من الحديــد ليكون ثقيــلا، ومنه نوعان وهما (الباوَرة) و(الأَنْيَر)، ويستخــدم كل منهما كطــرح للسفينة لإيقافهــا، ولكل منهما وقت معين لاستخدامه، وعند القاء الســن ينشد النهــام:

يا الله بدينا عزيت

يا مـن له الملك

يا عالم بالأحوال

ويرد وراءه الغواصة والسيوب بصوت واحد (آآآآ ه...) وهذه النهمة تسمى (التقصيرة) وهي نهمة خاصة بالخراب ومراحل استخدامه وإلقــائه في قاع البحر.

وكانت هناك سفن تسمى (التشالة) وهي عبارة عن جالبوت يحمل الماء والعيش والملح والتوابل والتمر والكبريت، وجميع أنواع المواد الغذائية، يبيعها للسفن المتجمعة على الهيرات، والتي تنفد المؤن منها، ويتكون طاقم سفن التشالة من نوخـــذا ومعه 6 أو 7 أفراد، وهي بالإضافــة إلى توفير المؤن تقــوم بنقل الأخبار من البلد إلى السفــن وبالعكس، وإذا صادف مـرض أحد أفراد طاقم البحارة يتم نقله إلى البلد بواسطة هذه السفن.

محار "المصقولة والفصمة"

هناك مسميات كثيرة ومختلفة للمحار يحددها الشكل والحجــم، فالمحارة الكبيرة النظيفة الملساء من الخارج تسمى (مصقولة) تليها في الحجم (الفصمة) وتصغرها حجما، تليها (العسرينــه). وهناك "الصفد، الصــدف" وكان يصــدر إلى الهند وفرنسا مع اللؤلؤ، وتصنع منه الأزرار والتحــف. أما مسمــيات اللؤلـــؤ فالصغير جدا يسمى (الرفع، والناعم، والشرينة) وهذه أكبر من الرفعة بقليل، يليــها "الحصابي". وحــبة اللؤلؤ الجيدة تكون بيضاء غير مائلة للخضرة، وتكون كاملة الاستدارة ولا تميل للاستطالة ولا يوجد فيها أي (دقة) سوداء.