العدل خُلق العظماء

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا شك أن الشيخ زايد قائد لا ينسى قّل أن يجود الزمان بمثله، أحب الناس فأحبوه، أعطاهم كل شيء، فأسس لهم دولة وبنى شعباً وحضارة ووضع في مقدمة اهتماماته وأولوياته بناء الإنسان وآمن بأن الاستثمار في الإنسان هو الأنفع والأجدر للبلدان لكي تحقق مكانتها ويكون لها الحضور القوي والمكانة المتميزة بين الشعوب.

ولقد تحقق ذلك بالعدل، فقد كان عادلاً مع جميع شعبه، لا يرضى بأن يراهم في حاجة لمسكن، أو غيرها من الحاجات الأساسية لكل مواطن، فالعدل أساس الرفعة في الوطن، وقد سار على دربه أبناؤه الأوفياء ليقودوا هذه المسيرة التي انتهجها الوالد المؤسس، رحمه الله وطيب الله ثراه.

ولو تحدثنا عن العدل، لوجدنا أن العدل خلق كريم، وصفة عظيمة جليلة، محببة إلى النفوس، تبعث الأمل لدى المظلومين، وتعيد الأمور إلى نصابها، به يسعد الناس، وتستقيم الحياة.

وبالعدل تساس الرعية، وتُحفظ حقوقُها وتُرعى كرامتُها، قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا)، ويقول: (وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ).

وعن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قالَ رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: الإمام العادل...» رواه البخاري ومسلم.

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، رضي الله عنهما، قَالَ: قال النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ اللَّهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ -عَزَّ وَجَلَّ-، وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ، الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وُلُّوا» رواه مسلم. وغير ذلك من الآيات والأحاديث في وجوب العدل وفضله وأثره في الأمة.

العدل مقوم أساس من مقومات الدولة، وهو سبيل الأمن، والاستقرار السياسي، والاطمئنان بين الناس، وقد اعتبره الثعالبي في كتابه أدب الملوك: عُدْة الملك، وأساس السياسة، بل هو السياسة الكبرى والفضيلة العظمى، ما وجد العدل في قوم إلا سعدوا، وما فقد عند آخرين إلا شقُوا.

والعدل خلق العظماء، وصفة الأتقياء، ودأب الصالحين، وطريق الفلاح للمؤمنين في الدنيا ويوم الدين، تحلَّى به الأنبياء والصالحون، والقادة والمربون، وكان أعظمهم في ذلك، وأكثرهم قدراً ونصيباً سيد العالمين، وخاتم الرسل أجمعين، محمد بن عبد الله عليه أفضل صلاة وأزكى تسليم.

فالعدل خلقٌ من أخلاقه، وصفةٌ من صفاته، عدلَ في تعامله مع ربه -جل وعلا-، وعدلَ في تعامله مع نفسه، وعدلَ في تعامله مع الآخرين، من قريب أو بعيد، ومن صاحب أو صديق، ومن موافق أو مخالف، حتى العدو المكابر، له نصيب من عدله، صلى الله عليه وسلم.

وكيف لا يعدل مَن خوطب بقول واضح مبين: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [المائدة:8]، فكان يمتثل أمر الله -عز وجل- في كل شأن من شؤونه، مع أصحابه وأعدائه، آخذاً بالعدل مع الجميع.

 

 

Email