قراءات

زايد والتحية بالأحسن

ت + ت - الحجم الطبيعي

قلنا إن تحية المسلم إذا التقى أخاه المسلم السلام، فإذا كنت أنت المبادئ بالسلام كان أجرك أكثر، والمبادرة بالبدء في السلام أو الرد عليه يعدان من الكرم وسخاوة النفس، وهذه الإيجابية مما ذكرها القرآن الكريم قال تعالى: (وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا) الآية رقم 86 من سورة النساء.

نلاحظ من خلال تتبعنا لأشعار المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، أنه كان متواضعاً جداً يحب أن يردّ على أصحابه حتى الشعراء الذين بادلهم القصيدة بقصائد أطول وردّ أجمل.

وهذا الرد لم يكن يحمله أحد عليه لو لم يكن يشعر هو في داخله أن من يحييك ولو بالشعر ردّه عليك واجب والرد بالأحسن من آداب الإسلام.

وعلى سبيل المثال فإنه قال في إحدى قصائده:

سلام منّي للغضي ريم لحزوم

                      اعداد غيث هاطل من سحابي

سلام امعطّر ابورد أومشموم

                    عليك يا حلو الصّبا والتّصابي

 

ويقول في قصيدة أخرى:

مرحبا مليار بقبالك

                    يا سفر داري والاوطاني

يا سعادة من لفى دراك

                    إلّانا لي بي الوزا باني

 

وكذلك يقول في قصيدة:

هلا ابنور الفجر زاح الظّلامي

                    هلا به ألف ترحيبه أوحيّه

هلا به عدّ مزن في غمامي

                    وما هبّت نسيم المطلعيّه

أقدّم له تحيّات أوسلامي

                    جواب يوم بادر بالتّحيه

ـــ أقول: مثل هذه القصائد لم تكن ردوداً على قصائد حتى نقول إنه قام بالواجب وهو الرد على القصيدة لكونه يأخذ حكم ردّ السلام في الشرع، لكن بما أن المبادرة في الخير طبع في الشيخ زايد، رحمه الله، فإنه يحيّي الناس وأيّ خلق جميل في الناس أو في الطبيعة التي خلقها متى سنحت له الفرصة.

ـــ فالوازع الديني فيه دافع، والوازع الاجتماعي والأدبي والعاطفي دوافع أخرى، وهو شاعر بارع استطاع أن يستوظف الشعر في هذا الباب.

ـــ وعواطف الشيخ زايد مزيج من البوادر الإيمانية التي تحمله على الإتقان والإحسان، وخليط من الأخلاق الفاضلة التي لا يعطيها الله إلا لمن شاء أن يكون قدوة في الناس.

ومثل هذه العواطف تشكل للقائد فرصة سانحة لكي يربط مواطنيه بالوطن من خلال مصطلحات تحمل الكثير من الرمزية، ونلاحظ مثل هذا في مثل قوله، رحمه الله:

مرحبا يا حيّ فضل الله

                       حيّ من تزهي به أوطاني

الغضي لي له قدر والله

                       احترام وياهٍ أوشاني

ـــ من يقرأ هذه الأبيات يعتقد أن الشاعر يعبّر عن شوقه وولهه تجاه المحبوب، لكنني أقول: هذا ما ظهر لك، أما ما خفي فأكبر من ذلك، لأن لفظ الجلالة عندما يدخل في تركيبة أي جملة نثراً كانت أم شعراً، يضفي على المقام مسحة جمالية من ناحية، وقوة روحية إيمانية من ناحية أخرى.

فالشيخ زايد يحيّي لكنه في الوقت نفسه يربّي.

ـــ نعم، فكأنه يريد بمثل هذا الاستهلال أن يشكر الله أولاً على النعمة، وأن يلفت نظر المحبوب إلى أنه لو لم يكن توفيق من الله له لما حقق كل هذه النجاحات.

ـــ ولعمري هذا الذي ميّز الشيخ زايد عن غيره، وأصبح مضرب مثل بينهم إذا تحدثوا عن قادتهم، وما أكثر ما نسمع منهم وهم يردّدون هذا البيت.

سيذكرني قومي إذا جدّ جدهم

                  وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر

Email