أداء الأمانة

ت + ت - الحجم الطبيعي

قال الشيخ زايد رحمه الله: (علينا أن نكافح ونحرص على دفع مسيرة العمل في هذا الوطن، والدفاع عنه بنفس الروح والشجاعة التي يتحلى بها أسلافنا) وهذه من الأمانة التي استشعرها، رحمه الله، تجاه وطنه وشعبه، وحث عليها.

والأمانة من أخص الفضائل والآداب التي تحفظ بها الواجبات، وتستقيم بها موازين الحياة، وتنتشر بها الثقة بين الناس، وقد أمر الله سبحانه بها عباده فقال: (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) ووصف بها أهل الفلاح من المؤمنين فقال: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) وربط رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الإيمان والأمانة فقال: «المؤمن من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم»، وجعل صلى الله عليه وسلم أداء الأمانة دليلاً على صحة الإيمان وسلامته، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ما خطبنا نبي الله صلى الله عليه وسلم إلا قال: «لا إيمان لمن لا أمانة له».

والأمانة صفة الأنبياء ودأبهم، فقد جاء في القرآن الكريم على لسان عدد منهم: (إني لكم رسول أمين) وقد رشحت الأمانة نبي الله يوسف عليه السلام ليكون أميناً على خزائن الأموال، قال تعالى: (وقال الملك ائتوني به أستخلصه لنفسي فلما كلمه قال إنك اليوم لدينا مكين أمين* قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم) وكانت الأمانة باعثاً على اختيار الرجل الصالح لنبي الله موسى عليه السلام ليعمل لديه ويزوجه ابنته، قال الله تعالى: (قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين) ولقد كان خلق الأمانة بارزاً في شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل البعثة وبعدها، فقد كان معروفاً بالصادق الأمين، وتجلى هذا يوم أن ارتضوا حكمه في وضع الحجر الأسود، فقد هتفوا لما رأوه وقالوا: هذا الأمين قد رضينا بما قضى بيننا.

نعم، فلقد كانت الأمانة من الدوافع للسيدة خديجة رضي الله عنها في رغبتها في الزواج منه صلى الله عليه وسلم فقد أرسلت إليه وقالت: إنه قد دعاني إلى البعثة إليك ما قد بلغني من صدق حديثك وعظم أمانتك وكرم أخلاقك، وأنا أعطيك ما أعطي رجلاً من قومك.

وبلغ من أمانته صلى الله عليه وسلم ما أمر به علياً رضي الله عنه أن يبيت في فراشه ليلة الهجرة ليرد ودائع المشركين إليهم.

إن مسؤولية الأمانة هي حجر الأساس الذي تبنى عليه حياة الإنسان السليمة، فالإنسان الأمين يكسب ثقة الآخرين به، والأمانة تشمل على العديد من الأنواع التي تقوم عليها وهي: الأمانة العظمى: ويقوم هذا النوع من الأمانة على حفظ الدين وعدم التخلي عنه، والالتزام بجميع الطاعات والفروض التي فرضت على المسلمين كافة، والابتعاد عن النواهي والمحرمات التي حرمها الله سبحانه وتعالى، وتتضمّن الأمانة العظمى حمل الدعوة الإسلامية وتبليغها إلى الناس كافة، فكل أمر يدخل في الدين الإسلامي يندرج تحت هذا النوع من الأمانة.

وجميع النعم التي أنعمها الله سبحانه وتعالى على الإنسان هي أمانة في عنقه، ويقع على عاتقه مسؤولية حمايتها والحفاظ عليها من إلحاق أي ضرر بها مهما كان، ومن هذه النعم نعمة البصر والسمع والسير على الأقدام والأموال والأبناء وغيرها من النعم التي لا تعد ولا تحصى.

والعمل الذي يقوم به الإنسان ويكون مصدراً لرزقه هو أمانة ويجب الحفاظ عليها وحمايتها، وعند القيام بأيّ عمل يجب أن يتمّ على أكمل وجه، دون حدوث أي نقص أو تقصير فيه، لأن أي تقصير يعد بمثابة خيانة لهذه الأمانة، وقد استعمل النبي، صلى الله عليه وسلم، رجلاً من الأزد على صدقات بني سُليم، فلما جاء حاسبه وقال: هذا لكم وهذا أُهدي إليَّ. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فهلا جلست في بيت أبيك وأمك حتى تأتيَك هديتُك إن كنت صادقاً؟)، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: ((أما بعد، فإني أستعمل الرجل منكم على العمل مما ولاني الله، فيأتي فيقول: هذا لكم وهذه هدية أهديت لي، فهلا جلس في بيت أبيه وبيت أمه؛ حتى تأتيَه هديتُه إن كان صادقاً، والله لا يأخذُ أحدٌ منكم شيئاً بغير حقه إلا لقي الله يحمله يوم القيامة، فلا أعرفن أحداً منكم لقي الله يحمل بعيراً له رغاء، أو بقرةً لها خوار، أو شاة تيعر)) ثم رفع عليه الصلاة والسلام يديه حتى رؤي بياض إبطيه يقول: «اللهم بلغت».

واعظ ديني في وزارة الداخلية

Email