قراءات

زايد والدعابات الشعرية

ت + ت - الحجم الطبيعي

المؤمن هيّن ليّن، والمؤمن باشّ الوجه طلق المحيا دائماً، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: «ابتسامتك في وجه أخيك صدقة»، وفي الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم ليلة أُسري وعُرج به إلى السماء رأى الجنة والنار، فرأى خازن الجنة مبتسماً وخازن النار عابساً، فسأل جبريل: من هذا؟ قال جبريل: هذا رضوان خازن الجنة، أي: حارسها، وذاك مالك خازن النار، طول عمره هكذا يقف عبوساً قمطريراً، ولو ضحك في حياته لابتسم في وجهك.

ـ إذاً فأنت أيها المؤمن بالقدر خيره وشره، عندما يرزقك الله وجهاً مشرقاً تملأ الابتسامة أساريره فذلك من علامات السعادة، وإذا رأيت العكس فذلك من شقاوة صاحبه والعياذ بالله.

ـ ولو رجعنا إلى المغفور له الشيخ زايد بن سلطان، رحمه الله، لوجدنا أنه كان ذلك الباش في وجوه الناس، وصاحب الدعابات والروح المرحة، كان يتفقد أصحابه ويجالسهم، بل حتى يجالس من هو أقلَّ شأناً ومنزلة، لأنه كان يحب الناس، وبناء على ذلك فإن الناس كانوا يحبونه.

ـ والشيخ زايد، رحمه الله، كانت مواقفه ومحطاته الحياتية ملأى بالإيجابية، وهذا من توفيق الله عز وجل له، الذي وفّق هذا القائد الفذ لعمل الخير وزرع فيه الشمائل الطيبة التي جعلته قريباً من جميع الناس، وإلا فالعبد مهما يتمنى فإنه لا يستطيع بالتمني أن يحقق رغباته أو يكسب رضا الآخرين. فأبوجهل والوليد بن المغيرة وأمية بن خلف كانوا من سادات قريش، وكل منهم تمنى أن تنزل النبوة في بيته، لكن النبوة ذهبت إلى الرسول محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم. وكذلك فإن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يدعو ويقول: «اللهم أعزّ الإسلام بأحد العمرين: عمر بن الخطاب أو عمرو بن هشام»، فأسلم عمر وبقي أبوجهل يتخبط في ضلاله.

ـ نعم... ومن المواقف الدعابية للشيخ زايد ما ذكره صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، في ديوانه المسمى «ديوان عام زايد»، وهو أن سموه وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان كانا مع الشيخ زايد، رحمه الله، في قمة من قمم مجلس التعاون، وكان الشيخ زايد مشغولاً بأمور القمة، لكنه فجأة تذكّر المحمدين فلم يجدهما حوله فداعبهما بهذه الأبيات:

اختفى محمد ورا محمد

                     حد يحضر وحد يغيبي

والسبب ما ظن متعمّد

                     السبب حب الغراشيبي

كم با نخفي وبنيود

                     من فعلهم راسك يشيبي

ولما بلغت الأبيات إلى الشيخ محمد بن راشد كتب في جوابه يقول:

سيدي يشرح لك محمد

                    عن أمور عنك ما تغيبي

الخبر لي لافك وعوّد

                     يا بعد شبّاني وشيبي

لك تركنا الجو يتجدّد

                    حولك تحوم الرعايبي

والحرار اللي تبا تصعد

                    في القنص تقنص ولا تخيبي

قاصره عن صيدها تبعد

                     عن عقاب له مخاليبي

وصيدة الشبل الذي مبرد

                     تختلف عن صيدة الذيبي

ـ هكذا نلاحظ أن الشعر كان مطواعاً في يد الشيخ زايد، رحمه الله، سواء في ساعة الجد أو في ساعة المرح والدعابة، فكثيراً من قصائده الأخرى التي قالها فإنها يغلب عليها طابع المرح والدعابة.

ألا والدعابة عموماً طبع من طباع الكرماء، فمن لا يبخل عليك بماله فإنه بالتأكيد لا يبخل عليك بابتسامة وهو يدري أن الابتسامة صدقة، والبخيل بخيل في كل شيء، والكريم كما ورد في الحديث: قريب من الله والجنة والناس، والبخيل بعيد عن الله والناس قريب من النار.

Email