زايد والشكر على النعم

ت + ت - الحجم الطبيعي

كثير من الناس يتمسكنون حتى يتمكّنوا، بمعنى أنهم يظهرون التديُّن في عباداتهم والتدروش في سلوكهم، والتخشُّن في ملبسهم ومأكلهم، ليوهموا الناس بأنهم قوّام الليل وصوّام النهار.

وبمجرد أن تتغيّر حالهم من عسر إلى يسر ومن فقر إلى غنى، تراهم غيروا من تعاملهم مع الناس، واختفوا عن الأنظار، لينطبق عليهم قول الشاعر:

قالوا فلان جيد فأجبتهم

لا تكذبوا ما في البرية جيّد

فغنيهم نال الثراء بفقره

وفقيــرهم بصـــــلاته يتصيــــــــد

أردت من هذا القول إننا إذا أحسن إلينا عبد من عباد الله، وجب علينا أن نكافئه بالشكر والدعاء له، فكيف برب العالمين الذي أوجدنا وأنعم علينا بالخيرات كافة.

إنني لاحظت على المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، أنه عاش عبداً شكوراً طول عمره، وكلما ارتفع مقامه بين البشر ازداد تواضعاً لله وشكر الله على نعمه الظاهرة والباطنة.

أقول: ولعل هذا هو سبب نجاح الشيخ زايد في حياته، في حين أنه فشل آخرون ممن تولوا الحكم وأمسكوا بزمام الأمور.

إنني عاصرت الشيخ زايد وعايشته، فوجدته على موعد مع الله دائماً، يشكره على أن وفقه في توحيد البلاد، ويشكره على أن رزقه هذا الخير الوفير فاستطاع أن يخدم شعبه في الداخل وإخوانه في الخارج.

وكنت أسمعه يقول دائماً: لا تشكروني ولكن اشكروا الله الذي أنعم عليّ، وإذا كنت أعطي اليوم عطاياي فهي من نعم الله وأنا وكيل عليها.

نعم.. وفي قصائد الشيخ زايد نلمس هذا بجلاء ووضوح، ومنها قصيدة: «الله عطانا خير وانعام»:

الله عطانا خير وانعام

والحمد له واجب علينا

يللي عطانا ايمان والهام

ومن فضله الطافي علينا

إلى آخر القصيدة وهو يعدّد النعم التي أنعم الله بها عليه من تحقيق أحلامه.

وفي قصيدة «دنيا» يقول الشيخ زايد:

دنيا محلا وطرها

فيـهــا زهـت لانــوار

كثر الخير أوشجرها

وتوفـــرت لاثمــار

إلى أن يقول:

نحمد لذي صوّرها

واوهب لها لخيار

أوعظمها في قدرها

إبجــــاه واعتـبــــــــار

يقول الباحث عبد الله محمد نور الدين، صاحب الدراسة التحليلية، في شعر الشيخ زايد:

فالحمد لله واجب مهم عند هذه الشخصية الفذة التي تعتمد على الجهد والعمل، وهذه انعكاسات واضحة على توكُّله على الله سبحانه بعيداً عن الغرور والاعتماد على النفس.

ثم يقول: وهذا الإحساس بالضعف أمام خالق الخلق من قائد دولة لها ثقل دولي، يظهر مدى خصوصية هذه العلاقة بين العبد وربه.

أجل، وقد بلغ إيمان الشيخ زايد بربه أنه حتى في قصائده العاطفية يوجّه المحبوب إلى التوكل على الله والشكر على نعمه، انظر إلى قوله:

بوصيك يا مزيون لاوصاف

لي كمّلك ربي بجماله

لا تكون للدلهين مسعاف

صوت الحسن عزم وحماله

مترى الحسن والزين ينشاف

ويحمد ربه لي يناله

طرف كحيل وناعم لاطراف

وعساك تحظى باليماله

Email