زايد والهجن الأصيلة

ت + ت - الحجم الطبيعي

وُجدت الإبل منذ أن وجدت الحيوانات الأخرى، ولقد خلّد القرآن الكريم هذا الحيوان بذكره في القرآن في أكثر من موضع، ولعل أصرحها في سورة الغاشية في قوله تعالى: (أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت).

فالإبل لها أهمية عند العرب منذ القدم، لذلك فإن أبرهة عندما قدم إلى مكة لهدم الكعبة، طلب كبير قريش ليعلمه بغرضه، فجاء عبد المطلب ودخل عليه وهو على سرير الملك، فلم يعطه عبد المطلب أي اهتمام به وبما جاء به، وقال له بكل صراحة: أنا رب الإبل وللبيت ربٌّ يحميه.

وإننا اليوم عندما نقرأ في سيرة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، نرى أنه امتداد لذلك الإرث العربي والتراث المحلي، لذلك فإنه اهتم بتربية الإبل، وأنشأ مسابقات ومهرجانات لهذا التراث الجميل.

وبما أن الإبل سلالات وأنواع فإنه اهتم بالهجن الأصيلة، ولنأخذ على سبيل المثال هذه القصيدة من أشعار الشيخ زايد في الإبل وهي بعنوان: «مهرجان الهين يشفينا»، والهين هي الهجن؛ لأن اللهجة العامية تقلب الجيم ياء والقاف جيماً:

مرحبا بلّي رحّب وثنّى

لاحترام له نحن جينا

واجب نقدر ونتعنّى

للنسب لي منّا وفينا

عزّكم بيعزّنا كلنا

وقوة لاجيال أهالينا

وشعبكم هلنا وعشيرتنا

ولي يوفّيكم يوفّينا

مرة مرة تكون لنا

ومرة منكم تفاجينا

نهضة منكم وهي منا

نحي الحاضر لماضينا

سجل التاريخ والفنا

مهرجان الهين يشفينا

إلى آخر القصيدة.

ومن المعلوم أن المهرجان أُقيم في دبي عام 1987، وكان الشيخ زايد على رأس الحضور، وحينها كان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، قد رحب بالشيخ زايد عند قدومه إلى دبي لحضور المهرجان، والالتقاء بالشيوخ والأهالي في دبي والإمارات الأخرى، فقال:

مرحبا بك عد ما قلنا

وعد ما خبّت من الهينا

أو عدد ما سار لمعنّى

نخط حبر بالتبا يينا

مرحبا بك يا زعيم لنا

وقف من لا باع يشرينا

جمع بوصولك تشرفنا

يوم في لافراح تلفينا

إلى آخر القصيدة.

ونلاحظ أن الشيخ زايد ردّ على هذه القصيدة بالوزن والقافية نفسها، والموضوع نفسه بشكل عام، وإن كان لكلٍّ منهما بعض الخصوصيات أحياناً.

لكن انظر إلى الانسجام التام بين الشاعرين، والتوافق بين مشاعر الزعيمين اللذين تجمعهما أرومة واحدة؛ فالاحترام متبادل، والقناعات متطابقة، فالإمارات السبع تشكل دولة واحدة، تعتز بتراث أبنائها، وكل من الشيخين يعتز ويفتخر بهذا التراث الذي يرون فيه إحياء للماضي، ولذلك قال:

سجل التاريخ والفنا

مهرجان الهين يشفينا

وختم الشيخ زايد قصيدته بقوله:

وفق الله حسن سيرتنا

ويعل رب العرش يحمينا

Email