زايد في عيون الشعراء 2-2

ت + ت - الحجم الطبيعي

تميز المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، عن الناس حتى في وطنيته؛ فذهب إلى ما شاء أن يذهب، لكنه عاد بشوق أكبر وحب أشدّ لرمل بلاده، وما ذلك إلا لأن حب الوطن من الإيمان، وزايد مثلما كان مؤمناً بربه كان مؤمناً بوطنه، فأخلص له ولشعبه ولأمته.

والشاعرية موهبة كأي موهبة من المواهب التي يهبها الله لمن يشاء، وكثيرٌ من الشعراء وهبهم الله هذه النعمة فاستخدموها بشكل سلبي وفي غير موضعها، متأثرين بما حولهم أو بمن حولهم.

إلا أننا نجد الشيخ زايد، رحمه الله، لم يكن كذلك، فمثلما زار البلدان الكثيرة ولم يتأثّر بجمالها وتأثر بجمال بلاده، فإنه مارس هواية الشعر وكتب ما يقارب من 140 قصيدة، إلا أنه لم يتأثر بشعراء الحداثة، بل تأثر بالمتنبي والماجدي بن ظاهر وأمثالهما.

بل حتى لما كتب شعر الحب والغزل فإنه كان شاعر الحب العفيف والكلام الهادف؛ لماذا؟ لأنه عاش وهو يتحلى بصفات فاضلة لعدة شخصيات كلها إيجابية، وبإمكاننا أن نضرب مثلاً لذلك بقصيدة «شطن بي الغزلان» التي استهلها بقوله:

شطّن بي الغزلاني

                لي الْهن عيان سود

والسولعي وزّاني

                في امتابعه مجهود

إلى أن قال، رحمه الله:

 اوحقّه ذرب المعاني

                  سلام عدّ النّـــــــــود

ثم يقول:

ما يحتـــــــرم لانساني

                   الّا بخصال اليـــــــــود

إن كان من الشّبّان

                         والّا كهل امعدود

إن من يقرأ هذه القصيدة بطولها، يجد فيها عدة صور قيمية أخلاقية.

إذاً كان زايد حاكماً راعياً وشاعراً حكيماً، والرسول صلى الله عليه وسلم، يقول: «كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته».

وكان زايد أباً، والأب إذا لم يكن قدوة لعياله فإن فاقد الشيء لا يعطيه. وكان الشيخ زايد أخاً يتواضع مع من يجالسه.

وكان الشيخ زايد محباً للخير. ولقد أحسن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، عندما وصف الشيخ زايد في رائعته «عام زايد» ومنها:

في واحدْ وسبعينْ بالخيرْ وَقَّعْ

                        علىَ عهودٍ بالرِّجولِةْ رعاها

صنَعْ وطنْ مهيوبْ مافيهْ مطمَعْ

                  لِهْ جيشْ يحمي حدودها مَعْ سماها

إلى أن قال:

صـحـيـحْ زايـــدْ كـــانْ يـسـجِدْ ويـركَـعْ

                         بَـــسْ الـعـبـادِهْ فــي الـتِّـعامِلْ يِـراهـا

كَـــمْ كــانْ زايــدْ يـنـشِرْ وكــانْ يـطـبَعْ

                         مــــنْ الـمـصـاحفْ بـآيـهـا ومـحـتـواها

ويــشَـجِّـعْ الــطِّـلّابْ تـحـفَـظْ ويــدفَـعْ

                            لــهُــمْ جــوايــزْ هــــوُ قَـبِـلـنـا بــداهـا

آمَــــنْ بــــأنْ الــعـلـمْ واجِـــبْ ونَـــوَّعْ

                           بــيـنْ الـمـعـاهدْ عَ الـتَّـخَـصِّصْ بَـنـاهـا

وأعـطـىَ الـبناتْ الـحقْ تـدرسْ وتـرفَعْ

                          صَـرحْ الـوطَنْ مَـعْ سِـترها ومَعْ غطاها

إمـحـافِـظَـهْ عَ أخــلاقِـهـا مـــا إتِّـمَـيَّـعْ

                              بَــسْ مــا تِـتِـمْ بـجـهلها فــي خـبـاها

حـكـيمْ فــي الإنـسـانْ يـصـنِعْ ويــزرَعْ

                             يـــالــيْـن دولَـتـنا زَهَــتْ مــنْ حـلاهـا

Email