زايد بن سلطان.. شخصية استثنائية 1 ــ 2

ت + ت - الحجم الطبيعي

من يدرس تاريخ حياة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ويتتبّع مراحل عمره، يجد أنه كان يمتلك شخصية فريدة، تجمع أكثر من شخصية:

رجل وزعيم ومفكّر ومهندس وأديب وسياسي، وكان يتطلع إلى إسعاد كل أفراد شعبه من أعماق قلبه، ثم إلى إسعاد كل بلاد العالم من غير استثناء، وكان همّه الرجال وليس المال.

ولقد أحسن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، القول عندما أنشد في قصيدته في زايد، وهي بعنوان «أبي الأكبر»:

لم يكن زايد فينا واحدا

بل هو الأمة حين النُّوب

صانع المجد وربّان العلا

وفتى الخير وزاكي النسب

أنت ما كنت لشعبي قائدا

بل زعيماً لجميع العـــرب

ملَكاً كنت لنــــــا لا ملِكـاً

في تقى شيخ وأخلاق نبي

نعم.. اكتسب زايد، رحمه الله، هذه الأريحية والمقام الرفيع من بيئته البدوية التي ألهمته حب الخير والصلاح والإصلاح، وهذبت نفسه العربية بالأخلاق السنية التي أجلّها الخوف من الله عز وجل، ثم التواضع للناس، ثم شكر الله على أن وفّقه لخدمة البلاد والناس، والتواضع ما حلّ في نفس إلا رفعها.

الشيخ زايد تفرد بكونه وصل إلى كرسي الحكم وقلوب الناس في آن معاً؛ فالناس أحبوه في حياته ومماته، إذ لا يزالون يذكرونه ويذكرون فضائله ومنجزاته. وذلك بينما نرى كثيرين وصلوا إلى كرسي الحكم، لكنهم ما استطاعوا أن يصلوا إلى قلوب الناس كي يحبهم الناس. فمثل ما ارتفعوا نزلوا، ذلك أن الحكم ليس كرسياً فحسب، بل حنكة وحكمة وفلسفة ولين جانب وسخاء وإيثار، وشهامة ونخوة ونجدة، وقناعة بعيدة عن حب الجاه.

فالشيخ زايد تروى عنه مواقف كثيرة، منها:

الموقف الأول: عندما توجّهوا به إلى قصر الحصن ليتسلّم مقاليد الحكم، قال: «أخرجوا أوّلاً ما في القصر من أموال ووزعوها على الناس، كي لا يقال إن زايداً جاء إلى الحكم من أجل المال».

وهناك موقف ثانٍ، وهو أنه بعد أن أُعلن عن قيام الدولة، قام أحد الصحافيين وألقى عليه سؤالاً أراد أن يحرجه به بين الناس فقال:

«يا طويل العمر أنت أقمت دولة الاتحاد وصرت الآن رئيساً عليها، وتجلس على آبار النفط، لكن شعبك 85% هم من الوافدين وليسوا من أبناء البلاد، فهل أنت سعيد بهذه الرئاسة؟»، فأجابه زايد على الفور وبفطرته البدوية:

«اسمع يا فلان: الأرض أرض الله، والمال مال الله، والخلق خلق الله، واللّي يجي حياه الله». فلم يكن للصحافي إلا أن يسكت؛ لأن أنجاله وعلى رأسهم صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، أنعم الله عليه بالصحة، ثم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، يحملون الفكرة الإنسانية نفسها، ويحبون كل شعوب الأرض.

ـ إذن من حق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد أن يفتخر ويقول:

خذت من زايد ومن راشد سطور

لا المدارس لا الكتب عنها تخبر

ومن خليفة خذت فهمه للأمور

ومن محمد خذت عزمه من يشمر

هذا وللحديث بقية...

 

 

Email