(كيف كانت ليلة العيد يوم كنتو صغار؟) لطالما سألني بهذه الصيغة ابن صديقتي فأُعجبت باهتمامه. صرت أخبره بتفاصيل احتفالية ليلة العيد بدءاً بوضع الحناء في أيدي البنات، وذهاب الأولاد إلى (دكان) الحلاق مروراً بكي الملابس وتعليقها في أقرب مكان تقع عليه العين عند الاستيقاظ مباشرة، وتماديت في نقل الحدث إلى عملية تجريب الحذاء الجديد قبل النوم حتى لا نتعرض للزحلقة عند الجري في صباح العيد.

ووصفت مشاعر السعادة عند تلقَّي أول عيدية، والآمال التي ستتحقق بمقدار تلك النقود، والتي قد تصل إلى مائة وبعض عشرات أيضاً، لتذهب في شراء الحلوى، والألعاب الصغيرة والدمى التي ذهبت إلى ذمة الأيام. كنت أتحدث وأنا أنظر إلى اهتمامه لما أقول بعين الإعجاب والحقيقة.. (بنفسي) لمقدرتي على استحواذ اهتمام هذا الصغير. وتأملت خيراً في أداء دوري كجدة، وتخيلت كيف سأبدع في سرد ذكرياتي على حفيدي وكيف سأسر اهتمامه بنقل تاريخ جيل ناضل في تدبير مبالغ العيدية بكل ضمير.

صمت الصغير للحظة، قبل أن يرتد بهجمة على شكل سؤال: (أي مراكز ألعاب كانت أحسن، وما اسم المول اللي كنتو تسيرون له؟) تلعثمت في محاولة للإجابة، وإذ يعاجلني بسؤال: (ما هي أول لعبة فيديو اشتريتيها بفلوس العيديه؟) أحاول أن أجيب! فلم يمهلني وأكمل: (تتذكرين أفضل شخصية كرتونية عندك؟) أُسقِط في يدي، وبان على وجهي ذهول وابتسامه بلهاء.

استأسد الصغير، وبالغ في سرد أسماء الألعاب وأنواعها وأجهزتها، وصار يتمنى - لو يستطيع- ان يشتري كل ما يريد بمبلغ العيدية الذي لا يتعدى بضعة آلاف! أمام خرسي قال الصغير: (إذا ما تتذكرين نوعية الألعاب التي لعبتي بها، والشخصيات الكرتونية التي كنتي تحبينها، بدور عنها في جوجل وباعرفها).