دعيت لتناول الفطور فاستقبلتني في مطبخ منسق به تلفزيون حديث وطاولة عليها كل الأجهزة المطبخية وكتب الطبخ.
عاملة مهندمة وربة البيت أنيقة ووجباتها محددة وليست كثيرة قضيت وقتي عندها حتى موعد الفطور وأعجبني أنها لم تحدث عندها (ربكة ما قبل الفطور).
وقت الفطور تناولنا القليل من اللبن مع تمرات ثم ذهبنا للصلاة وبعدها شربنا القهوة، وعندما تجمع كل من في البيت نهضت ووضعت الطعام وهي مبتسمة ثم دعت الجميع إلى المائدة (طاولة الطعام) جلس الجميع مرحين وتناولنا الفطور براحة تامة وشبعنا تماما بالرغم من انه لم يكن هناك اثنا عشر صنفا!
مرة أخرى جلسنا للحديث ولم نتخم بأنواع الحلويات، مجرد شاي أخضر. وحان موعد صلاة العشاء فقمنا للصلاة وخلال ذلك الوقت كانت العاملة قد أعدت الحلوى ونسقت أطباقها لنا، وكان المكان يملأه الهدوء فلا ضجيج برامج التلفزيون المكررة، ولا الحاح الاعلانات المستفزة ولا كآبة المسلسلات الخانقة. تجمعنا مرة أخرى وتبادلنا الأحاديث عن ذكريات رمضان وروعة أمسياته واختلاف العادات الغذائية بين الشعوب وأخذت مضيفتي تشرح لنا عن أطباق الحلوى التي أعدتها بكل تفاصيلها حتى كدنا نذكر كم لقمة أكلناها، وجال في خاطري عدد الاطباق التي نضعها وقت الفطور والتي لا نتذكرها عندما تُرفع، ناهيك عن انعدام المتعة.
أعجبت جدا بما رأيت منها وقررت أن أطبق ذلك في بيتي بل وأعممه، ولأن خير البر عاجله ففي اليوم التالي جهزت طاولتي بثلاثة أطباق من الطعام وبعض أصناف المقبلات فبدت المائدة مرتبة تستحق قليلا من الورود فوضعتها.
وعندما حان موعد الفطور سألني الجميع أين الأكل؟! وهل سنأكل زهور؟!
هنا تيقنت أن الطعام ثقافة نحن لم نتعلمها!
