من أجمل نعم الله علينا هي نعمة الأصدقاء، فهم حديقة عامرة بشتى الأشكال والأنواع المختلفة، فمنهم زهور فواحة تعطر حياتنا، ومنهم أوراق يانعة تلون حياتنا، وآخرون أغصان باسقة نعلق عليهم همومنا، والبعض جذوع نسند عليهم ظهورنا، كما إن هناك الأعشاب العشوائية التي تظهر وتأخذ مكانها على خريطة أيامنا ولكن هذه نضطر لإزالتها لأنها مؤذية. هنالك أيضا الأشواك النامية على الأغصان وهذه تنغرز في أيدينا كلما مددناها، فتؤلمنا، وذلك لتذكرنا أن نفتح أعيننا جيدا فنحدد مكانة أصدقائنا.

وأجمل الأصدقاء من يمثل ذلك البساط الأخضر الممتد على طول أيام حياتنا، يحتملنا في ساعات لحظات اللهو العاصفة، وساعات الارتياح الهادئة، وأوقات الراحة الناعمة.

أهم ما يعكر صفو الصداقة هو عدم تبادل الأدوار، حيث يعتقد البعض أن كل صديق له دور محدد في حياته يؤديه له على الدوام من دون مقابل، على أن يؤدي بنفسه ذلك الدور لصديقه، فيطالب صديقه أن يكون بجانبه ويسانده في كل ظروف حياته، ولكن الآخر لا يحاول أداء الدور نفسه إذا صدف ووقع ذلك الصديق في مأزق ما، متجاهلا أن الصداقة أخذ وعطاء، فيظل العطاء من جانب واحد حتى ينفد مخزون الصبر، مما يسبب الصدامات وتقع المشاكل وتحدث الفرقة بين الأصدقاء وهذا من العيوب التي تلطخ صورة الصداقة المشرقة.

إذن يجب عدم التساهل أو تجنب طلب حقوقنا من أصدقائنا مقابل ما نبذله من مشاعر صادقة لهم بالقول أو بالفعل، فحق الصداقة هو من يحتم علينا ذلك.