5 مشاهد لا تنسى في أفلام لسيدة الشاشة فاتن حمامة

ت + ت - الحجم الطبيعي

على مدى أكثر من نصف قرن حفرت فاتن حمامة في ذاكرة الأجيال مشاهد لا تنسى في أفلامها، من بينها 5 مشاهد من الأقوى !

https://media.albayan.ae/inline-images/2290650.jpg
1.    وراء الباب، في «دعاء الكروان» (هنري بركات 1959): في اللقطة التي يهاجمها فيها أحمد مظهر وتختبئ وراء الباب، تقوم «هنادي» بضخ مزيج من الانفعالات المتناقضة إلى عينيها، في ثوان، وبطريقة مدهشة، تختزن كل المعنى وجوهر رواية الأديب طه حسين، حين تصارع الضحية حبها لجلادها (جلاد أختها في هذه الحالة والمسؤول عن مصير موتها)، وحين يتصارع الحب مع رغبة الانتقام، وخيانة الأخت ونذر الانتقام لها في مقابل ضرورة الوفاء باسم الحب أيضاً. ذلك العذاب والأسى الذي جهز له والتقطه «المعلم بركات» في صورة شفافة ورومانسية كئيبة وعذبة، انتمى لها كلاهما بركات وفاتن.

https://media.albayan.ae/inline-images/2290651.jpg
2.    استلهام القوة، في «الباب المفتوح» (هنري بركات 1963): مشهد مؤثر «الباب المفتوح» لهنري بركات) المشهد الأخير، حيث البطلة، فاتن حمامة، تركض على رصيف القطار، مصممة على مغادرة خوفها إلى الأبد. الخوف من سلطة الأب والمجتمع والتقاليد التي تجبر المرأة، في كثير من الأحيان، على الارتماء في أفخاخ لا تجلب لها إلا التعاسة طوال حياتها. في لحظة مفاجئة، مضيئة، تكسر نوال حاجز الخوف الذي تربت عليه، مدفوعة بشحنة من الغضب والأسى تفجّر مكنونات قلبها، حين ترى مشهد العائلات المكلومة العائدة من بور سعيد، بعد تعرضها لقصف طائرات بريطانيا وفرنسا وإسرائيل، فيما عرف بالعدوان الثلاثي على مصر عام 1956. من جهة أخرى، محطة القطار مليئة بالمتطوعين، الجنود والنساء اللواتي يذهبن ليكنّ ممرضات على الجبهة، أو للتبرع بالدم وتقديم أي نوع من أنواع الدعم. تسلّم خاتم خطوبتها، لأستاذها القاسي المتحجر، الذي يؤمن بأفكار رجعية عن المرأة بوصفها كائناً «يجب أن يبقى تحت الرجلين» (كما يرد في الفيلم الذي كتبه يوسف عيسى)، تعطيه الخاتم، طوق عبوديتها الذي كاد يخنقها، بحذر، ثم جرأة، تدير ظهرها، وتتقدم، وخلفها يقف الخطيب والأب والأم وملامح الدهشة على وجوههم. اللقطة الآسرة في المشهد، هي تلك الأكف الممدودة من نوافذ القطار، تنادي نوال لكي تلحق بقطار حياتها قبل أن يغادرها.

https://media.albayan.ae/inline-images/2290652.jpg
3.    على حافة السطح، في «ليلة القبض على فاطمة» (هنري بركات 1984): في اللقطة التي تروي فيها فاطمة انكسار الحلم الذي أودى بها إلى الهذيان. هي مشعثة الشعر، شاحبة المحيا، وسواد يظل عينيها، لكنها ليست «مجنونة»، كما يريد أخوها أن يشيع. حبيبها الصياد الذي سرقه البحر وعجز أن يحقق أمنيتها بالزواج هو الوحيد الذي يعرف أن فاطمة ليست مجنونة. لكن حين يشير إليها الناس طوال الوقت بتحسر وريبة وإشفاق، ربما تفقد عقلها فعلاً. وقبل ذلك، عليها أن تروي الحكاية، فمن دون شهادتها سيزور التاريخ، وهي لديها الأسرار كاملة وأهمها: كيف في أوطاننا يصبح الجبناء أبطالاً ويتربع الفاسدون على عقولنا وقلوبنا، رغماً عنا. في مشهد السطح ذاك، سيحرض بركات (مرة أخرى) ملهمته على تقديم أقصى المشاعر تعقيداً، هذه المرة عبر لغة الجسد، وحركات يدها وإصبعها الذي تلوح به منفعلة، فيما رقبتها تتلفت في كل الاتجاهات، وحين تلتقي نظراتها بالحبيب الصياد العجوز العاجز، تشف عينا فاتن عن حب نسي وراء ستارة رمادية أو شبكة صياد مهملة.

https://media.albayan.ae/inline-images/2290653.jpg
4.    الأم والحياء في الجنس، في «يوم مر يوم حلو» (خيري بشارة 1988): لم ترب فاتن حمامة في حياتها عيالاً كثراً. رزقت بناديا من زوجها الأول عز الدين ذو الفقار وبطارق من زوجها الثاني عمر الشريف. من أين تأتي لها إذاً سحر الأمومة ذلك، الذي مارست صورته حتى النخاع، وتفاصيل التفاصيل في رائعة خيري بشارة «يوم مر يوم حلو»، في علاقتها بثلاثة بنات تصلح كل واحدة منهن لأن تروى حكايتها في رواية (البكر التي تحلم بالزواج وممارسة الحب، والوسطى التي تتزوج سراً بأخرس وتهرب، والصغرى التي تخون أختها بعلاقة عابرة مع زوج الأخت) وطفلة يهاجمها المرض وطفل صغير يزج به في ورشة يعامل فيها بمهانة ويبحث عن شراء حذاء غير ممزق. وهي، الأرملة، الخياطة ومنسقة العرائس، والتي تندب في العزاءات مجاملة لجاراتها وصديقاتها، المدبرة، القوية التي لا تتعب، عليها أن تكون أماً، تفهم كل شيء على أولادها، وحين تحادثها الكبرى بضرورة الزواج موحيةً بأنها «تعبانة» (لفظ مصري شائع يواري حاجةً إلى الحب) تسكتها الأم بحياء وتعاطف في الوقت ذاته: «فهمت، فهمت.. إيه البقاحة دي؟». انفعال لا يخلو من تعاطف نسوي أوصله إحساس فاتن.

https://media.albayan.ae/inline-images/2290654.jpg
5.    العثور على الباسبور، في «أرض الأحلام» (داوود عبد السيد،1993): إنها هنا تبكي وتضحك. بعد ليلة طويلة من المعاناة، خرجت فيها نرجس من مساحتها الآمنة التي سكنت فيها لسنين، لتكتشف الشارع وناسه، والليل وعفاريته، وذلك الساحر (يحيى الفخراني) الذي يمزج الهزل بالجد، والاستعطاف بالرفض، والوعي بالهذيان (أليست هذه حقيقة الحياة؟). إنها تبكي وتضحك. لأنها ربما أعجبت بالساحر وتأنقت ذات مرة من أجله، ولأنها لا تريد الهجرة إلى أميركا، ومرغمة على ذلك من أجل مصلحة ولديها. تضحك لأنها وجدت جواز سفرها في أتفه موقع قد يفقد فيه أحدنا غرضا ثميناً، وتبكي لأنها تعبة من لقاء المنجمين و«زعران» الليل والسكارى. بكت فاتن وضحكت فأبكت وأضحكت.

 

Email