رونالدو ومبابي وليونيداس أساطير مخلدة في تاريخ كأس العالم

سلط الموقع الرسمي للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) الضوء على أكثر اللاعبين تسجيلا للأهداف على مر التاريخ في الأدوار الإقصائية لكأس العالم، وبالطبع كان الظاهرة البرازيلي رونالدو حاضرا بقوة في تلك القائمة.

وتشمل قائمة اللاعبين الذين سجلوا أكبر عدد من الأهداف في أدوار كأس العالم الإقصائية بعضًا من أعظم نجوم اللعبة على الإطلاق، يتصدر هذه القائمة ثلاثة لاعبين سجل كل منهم ثمانية أهداف في مباريات "الحياة أو الموت" على أكبر مسرح كروي. كان أول من سجل ثمانية أهداف مهاجمًا برازيليًا موهوبًا تألق في كأس العالم 1938 في فرنسا قبل ذلك، سجل ليونيداس هدفًا وحيدًا في الأدوار الإقصائية لبطولة 1934، إلا أن هذا الهدف لم يكن كافيًا لتجنب الخسارة 1/ 3 أمام إسبانيا في دور الـ16.

في نسخة 1938، قاد ليونيداس منتخب السيليساو في مسيرة أطول بكثير، بدأ مشواره بثلاثية مذهلة في مباراة مثيرة انتهت بفوز البرازيل 6 /5 على بولندا في دور الـ16. تلا ذلك تسجيله هدفًا خلال التعادل 1 /1 مع تشيكوسلوفاكيا في دور الثمانية، وهو ما أدى إلى إعادة المباراة حيث سجل ليونيداس هدفًا آخر ليقود منتخب بلاده إلى فوز 2 /1.

وغاب ليونيداس عن نصف النهائي بسبب الإصابة، وهو ما أثر بشكل كبير على أداء البرازيل التي خسرت أمام إيطاليا. ولكنه اختتم البطولة بأداء رائع، مسجلًا ثنائية في مباراة تحديد المركز الثالث أمام السويد.

أنهى ليونيداس البطولة كهداف نسخة 1938، ويمتلك أفضل معدل أهداف لكل مباراة بين الثلاثي المتصدر (60ر1 هدف لكل مباراة). وعادل الظاهرة رونالدو الرقم القياسي، إذ استغرق الأمر أكثر من نصف قرن حتى يتمكن لاعب من معادلة رقم ليونيداس، وكان ذلك على يد موهبة برازيلية استثنائية أخرى.

كان رونالدو جزءًا من تشكيلة البرازيل التي أحرزت لقب كأس العالم عام 1994، لكنه، وهو في السابعة عشرة من عمره، لم يحصل على فرصة للمشاركة في المباريات. بعد أربع سنوات، وصل إلى نهائيات كأس العالم 1998 في فرنسا كأبرز نجم في عالم كرة القدم، ولم يخيب الآمال الكبيرة التي كانت معقودة عليه. في أول مباراة له في الأدوار الإقصائية، سجل رونالدو هدفين خلال فوز البرازيل 4/ 1 على تشيلي في دور الـ16.

وفي نصف النهائي، أضاف هدفًا آخر في مباراة انتهت بالتعادل 1 /1 مع هولندا قبل أن تتفوق البرازيل بركلات الترجيح. لكن البطولة انتهت بشكل مأساوي لرونالدو. فقد كُشف لاحقًا أنه تعرض لنوبة قلبية قبل ساعات قليلة من المباراة النهائية ضد فرنسا المضيفة، وبعد جدل حول مشاركته، تم ضمه إلى التشكيلة الأساسية.

ومع ذلك، لم يكن رونالدو في مستواه المعتاد الذي أرعب الدفاعات طوال البطولة، وقدم أداءً باهتًا خلال المباراة التي خسرتها البرازيل بنتيجة صفر /3 بعد المعاناة التي عاشها في نهائي باريس، كان انتقام رونالدو في كأس العالم 2002 بكوريا واليابان من بين أكثر القصص إلهامًا في تاريخ البطولة.

بحلول دور الـ16، كان رونالدو قد سجل أربعة أهداف في مرحلة المجموعات. وواصل تألقه بإضافة الهدف الخامس خلال فوز البرازيل 2 /صفر على بلجيكا. وفي نصف النهائي ضد تركيا، أظهر عبقريته بتسجيل هدف حاسم بلمسة مبتكرة بمقدمة قدمه، ليضمن التأهل للنهائي.

وفي المباراة النهائية، عاد رونالدو ليتألق، مسجلًا هدفين بفضل غريزته التهديفية الحادة، ليقود البرازيل إلى الفوز 2 /صفر على ألمانيا وتحقيق اللقب الخامس. لم يكتفي الظاهرة بالميدالية الذهبية، حيث حصل أيضًا على جائزة حذاء الذهبي كأفضل هداف في البطولة.

عاد رونالدو للمشاركة في كأس العالم للمرة الأخيرة عندما أقيمت البطولة في ألمانيا عام 2006.

ورغم أن البرازيل خرجت من دور الثمانية على يد فرنسا، إلا أن رونالدو واصل تعزيز إرثه. ففي مباراة دور الـ16، سجل هدفًا في فوز السيليساو على غانا 3 /صفر، ليصبح أحد أكثر اللاعبين تسجيلًا للأهداف في مباريات الأدوار الإقصائية في تاريخ كأس العالم.

كان الساحر الفرنسي كيليان مبابي لا يزال في سنوات مراهقته عندما بدأ مشواره الأول في كأس العالم عام 2018، لكن أداءه الاستثنائي فاق عمره الصغير، إذ لعب دور القائد في مسيرة فرنسا نحو التتويج باللقب. كانت أول مباراة إقصائية يخوضها مبابي ضد الأرجنتين في مواجهة مثيرة في دور الـ16 جمعت بين فرنسا وفريق يقوده ليونيل ميسي.

في تلك المباراة، أثبت مبابي أنه اللاعب الحاسم بتسجيله هدفين متتاليين في الشوط الثاني، ليقود منتخب بلاده إلى فوز مثير بنتيجة 4 /3.

ورغم أنه لم يسجل في الانتصارات التالية على أوروجواي وبلجيكا، إلا أن مبابي ترك بصمته في المباراة الأهم. ففي النهائي أمام كرواتيا، سجل هدفًا رائعًا بتسديدة قوية من خارج منطقة الجزاء، ليحسم فوز فرنسا بنتيجة 4 /2 ويؤمن تتويجها باللقب. بحلول نسخة قطر 2022، كان مبابي قد أصبح نجمًا عالميًا حقيقيًا.

وقدم أداءً مبهرًا خلال مسيرة فرنسا نحو نهائي ثانٍ على التوالي، حيث سجل ثلاثة أهداف في دور المجموعات، ثم أضاف هدفين في الفوز 3/ 1 على بولندا في دور الـ16. واصلت فرنسا مشوارها بفوز على إنجلترا في دور الثمانية وعلى المغرب في نصف النهائي، تحت قيادة المدرب ديدييه ديشان، لتصل إلى مواجهة مثيرة أخرى في النهائي ضد الأرجنتين.

في تلك المباراة التاريخية، أصبح مبابي ثاني لاعب في تاريخ كأس العالم يسجل ثلاثية في المباراة النهائية، بعد الإنجليزي جيف هيرست في عام 1966. ورغم ذلك، انتهت المباراة بالتعادل 3 /3 قبل أن تخسر فرنسا بركلات الترجيح.

ورغم خيبة الأمل، وجد مبابي بعض العزاء بفوزه بجائزة الحذاء الذهبي كأفضل هداف في البطولة. علاوة على ذلك، جعلته ثلاثيته في النهائي ينضم إلى اثنين من أعظم لاعبي البرازيل، ليكونوا الوحيدين الذين سجلوا ثمانية أهداف في مباريات الأدوار الإقصائية لكأس العالم.