قبل أيام قليلة من انطلاق كأس الأمم الأفريقية 2025 بالمغرب، تعود إلى الواجهة إحدى التفاصيل الرمزية التي رافقت تطور البطولة القارية على مدى قرابة عقدين، الكرة الرسمية للمسابقة، التي لم تعد مجرد أداة لعب، بل تحولت إلى مرآة تعكس هوية القارة وثقافتها وتنوعها.
في نسخة مونديال 2006، رسخ تصميم كرة «أديداس تيمجايست» مكانته باعتباره أحد أكثر الكرات شهرة في تاريخ كأس العالم، اللافت أن كأس الأمم الأفريقية اعتمدت التصميم نفسه في تلك الفترة، بسبب غياب نموذج خاص بالبطولة القارية، في خطوة عكست آنذاك محدودية الاهتمام بالهوية البصرية للمسابقة الأفريقية.
غير أن التحول الحقيقي بدأ ابتداءً من عام 2008، حين شرعت شركة «أديداس» في تصميم كرات مخصصة حصرياً للاتحاد الأفريقي لكرة القدم ولنهائيات كأس الأمم الأفريقية، في قرار متأخر نسبياً، لكنه وصف بالحكيم.
ومنذ تلك اللحظة، باتت الكرة الرسمية تعكس بشكل أوضح روح القارة الأفريقية، من خلال هيمنة اللونين الأصفر والأخضر، واعتماد نقوش مجردة مستوحاة من الأقمشة التقليدية مثل «الباجني» و«البوبو» و«القفطان»، في إحالات بصرية مباشرة إلى رموز «أفريقيا الأم».
وفيما يلي أبرز المحطات في تطور كرة «الكان».
غانا 2008: «واوا أبا»
كانت كرة «واوا أبا» أول كرة جلدية تصممها أديداس خصيصاً لكأس الأمم الأفريقية. تميز تصميمها بألوان زاهية تستحضر الأقمشة المعروضة في أسواق أكرا الشعبية، في احتفاء بالتراث المحلي للبلد المضيف.
أنجولا 2010: «جابولاني أنجولا»
تزامناً مع أول كأس عالم يقام على الأراضي الأفريقية (جنوب أفريقيا 2010)، أعادت أديداس توظيف كرة «جابولاني» الشهيرة، مع لمسة أنجولية خاصة احتفاءً باستضافة البطولة القارية.
غينيا الاستوائية/الجابون 2012: «كومويكوا»
في التفاتة ثقافية فريدة، حملت الكرة اسماً بطابع إسباني، تكريماً لغينيا الاستوائية، البلد الأفريقي الوحيد الناطق بالإسبانية. اسم «كومويكوا» بدا معقداً في النطق، لكنه كان لافتاً في رمزيته.
جنوب أفريقيا 2013: «كاتليجو»
في «أمة قوس قزح»، جاءت كرة «كاتليجو» بوصفها توأماً جمالياً لـ «كومويكوا»، محافظة على الألوان الزاهية والروح الأفريقية، في نسخة نالت استحسان المتابعين.
غينيا الاستوائية 2015: «مرحبا»
بعد نسختين اعتمدتا اللون الأصفر بشكل بارز، عادت أديداس إلى البساطة عبر كرة «مرحبا» الاسم العربي. لكن المفارقة أن هذه الكرة كانت بمثابة وداع لأديداس، إذ شكلت آخر تصميم للشركة الألمانية في تاريخ كأس الأمم الأفريقية.
الجابون 2017: «دلتا هايب»
تولت شركة «ميتري» المهمة بعد أديداس، وقدمت كرة «دلتا هايب»، غير أن التجربة لم تدم طويلاً، إذ فقدت العلامة البريطانية العقد بعد نسخة واحدة فقط.
مصر 2019: «نيو برو»
مع بداية عهد «أمبرو» طرحت كرة «نيو برو»، بتصميم وصف من قبل المتابعين والجامعين بالباهت، ولم تحظ بمكانة خاصة في ذاكرة البطولة.
الكاميرون 2021: «توجو»
صححت أمبرو المسار عبر كرة «توجو»، المستوحاة من أحد أبرز الأزياء التقليدية في الكاميرون. تصميم حمل الكثير من الأصالة، وأعاد الاعتبار للهوية الأفريقية في شكلها البصري.
كوت ديفوار 2023: «بوكو»
مع انتقال المشعل إلى بوما، كشفت الشركة الألمانية عن كرة «بوكو»، تكريماً لأسطورة الكرة الإيفوارية لوران بوكو، صاحب الرقم القياسي في عدد الأهداف بكأس الأمم الأفريقية (14 هدفاً).
المغرب 2025: «إيتري»
في النسخة الحالية بالمغرب، قدمت بوما كرة «إيتري»، المستوحاة من الفن المغربي، والمزينة بزخارف فسيفسائية لامعة تعكس غنى التراث المحلي. وإيتري كلمة أمازيغية تعني النجم. تصميم لقي إشادة واسعة، وبات مطلوباً لدى هواة جمع كرات البطولات الكبرى حتى قبل انطلاق المنافسات.
من «تيمجايست» المستعارة إلى «إيتري» المتجذرة في الهوية المحلية، يختصر تطور الكرة الرسمية لكأس الأمم الأفريقية رحلة البطولة نفسها رحلة السعي إلى «الأميرة السمراء» . من هامشية رمزية إلى حدث يحتفي بثقافة القارة وتنوعها، ويؤكد أن التفاصيل الصغيرة قد تحمل أحياناً دلالات أكبر من المستطيل الأخضر ذاته.
