تذكرة الـ 60 دولاراً للمونديال.. كيف خدع «فيفا» العالم


بعد تصاعد الاحتجاجات من روابط مشجعي المنتخبات، خرج الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» بتذكرة جديدة ستكون - وحسب بيان – متوفرة لمشجعي المنتخبات طوال المباريات في المونديال «104 مباريات»، وقال «فيفا»: «إنها خطوة تهدف لجعل البطولة في متناول مشجعي الفرق المتأهلة إضافة لتسهيل سفر الجماهير بين المدن المستضيفة».


هذه الخطوة فتحت باب الجدل سريعاً، جداً، وكان السؤال الأول: طالما بإمكان «فيفا» وضع هذا الحد الأدنى للتذاكر منذ البداية لماذا انتظر حتى الآن ؟.


تلاه سؤال ربما هو الأهم: ماذا يعني التخصيص الملازم لهذه التذكرة؟ حيث ذكر «فيفا» إنها ستباع عبر الاتحادات الوطنية المشاركة في البطولة حصراً على «مشجعي هذه المنتخبات» عبر آليات من بينها ما يحددها الاتحاد المعني كما يمكن أن تلعب القرعة دوراً في الأمر.


لننظر إلى الأمر بالحسابات والواقع، ونرى إلى أين سنصل ؟.


حسابات واضحة


وفقاً لـ«فيفا» فإن التخصيص ينطبق فقط على 10 % من جملة التذاكر المخصصة للاتحادات الوطنية، أي ليس من جملة التذاكر في كامل المونديال، ولنتعرف على الواقع أكثر علينا النظر إلى جملة التذاكر المخصصة أصلاً للاتحادات الوطنية من جملة تذاكر المونديال لنصل إلى نسبة مئوية للتذاكر ذات الـ 60 دولاراً


نصيب الاتحادات المشاركة في المونديال من جملة التذاكر يتراوح بين 20 إلى 25 %، إي أن التذكرة الجديدة فئة 60 دولاراً ستكون بنسبة 10 % من أصل 20 أو 25 % من التذاكر الكاملة للمونديال، أي فعلياً ستكون بين 2% إلى 2.5 % من كامل تذاكر المونديال، وبالأرقام البسيطة فإذا كان عدد تذاكر المونديال في المباريات كلها يتراوح بين 5.5 ملايين تذكرة إلى 6 ملايين تذكرة حسب بيانات صادرة عن «فيفا» الذي توقع أن تكون البطولة الأكثر حضوراً من الجمهور، فإن عدد التذاكر بالفئة الجديدة سيتراوح بين 110 آلاف تذكرة إلى 150 ألف تذكرة، وعند قسمة هذه الأرقام على عدد المنتخبات المشاركة فإن نصيب كل اتحاد سيصل إلى 3.125 تذكرة في الحد الأقصى، ليس هذا في المباراة الواحدة بل في جميع المباريات، وإذا افترضنا فقط أن المنتخب سيلعب 3 مباريات فإن المتوسط للمباراة الواحدة هو نحو ألف تذكرة – في استادات السعة الأعلى - وتنتهي تذاكر الـ 60 دولاراً فعلياً مع نهاية المرحلة الأولى «مرحلة المجموعات»، ولم يذكر «فيفا» إذا كان سيعيد تخصيص هذه النسبة للمنتخبات المستمرة في البطولة أو لا، وإذا حدث فكيف سيكون ذلك حيث اكتفى بتعميم أن التذاكر ستكون متوفرة في جميع المباريات الـ 104، ولننظر إلى ما بعد المرحلة الأولى، لكن ما يبدو ظاهراً أن تذاكر الفئة الجديدة ستكون نادرة جداً، فإذا كانت السعة المتوسطة للاستاد هي 60 ألف متفرج فإذن 1600 منفرج فقط – وهذا هو العدد الأعلى المتوقع - سيحصلون على هذه التذكرة في نسبة تبدأ من 1 إلى 50 مشجعاً وتصل إلى 160 متفرجاً.


واقع غريب


لنأخذ مثلاً منتخبي الأرجنتين حامل اللقب، والمغرب صاحب المركز الرابع في المونديال الأخير، ولنرى كيف ستكون النسبة وفقاً لطلبات التذاكر لمباريات المنتخبين في مرحلة المجموعات.
يقدر عدد طلبات التذاكر لمباريات المنتخب الأرجنتيني بين 80 ألفاً إلى 120 ألفاً في المباراة – استناداً على أن معظم المشجعين يتقدمون بالطلب لمباراة واحدة في كل مرة – ففي هذه الحالة حتى لو كانت سعة الاستاد 80 ألف متفرج – معظم الاستادات في البطولة لا تصل إلى هذه السعة – فإن عدد تذاكر الفئة الجديدة «60 دولاراً» لن تتجاوز 800 تذكرة لمشجعي منتخب الأرجنتين، حينها ستصل نسبة الحصول على التذكرة إلى 0.6 % إلى 1 % إلى مشجع واحد محظوظ من بين كل 100 أو 160 مشجعاً.


أما بالنسبة لمنتخب المغرب وحسب الطلبات المتوقعة للمباراة الواحدة - بين 30 ألفاً إلى 50 ألف طلب – فإن نسبة الحصول على التذكرة تتراوح بين 1.5 % إلى 2.5 % أي احتمال مشجع من كل 40 مشجعاً أو في الحد الأعلى مشجع من بين 60 مشجعاً.


الحسابات السابقة مبنية على سعة استادات 80 ألف متفرج علماً أن معظم استادات البطولة لا تصل إلى هذا الرقم، حيث يتراوح متوسط السعة بين 40 ألفاً إلى 65 ألف متفرج، علماً أن استادات السعة الكبيرة 80 ألف متفرج ستستضيف الافتتاح ومباريات الأدوار الحاسمة، ومعظم مباريات المجموعات ستجري في الملاعب الصغيرة عندها يمكن أن تصل نسبة تذاكر الـ 60 دولاراً لكل منتخب بين 400 إلى 650 تذكرة في المباراة الواحدة.


سؤال حائر


هذه هي الأرقام، وهي لا تكذب ولا تتجمل، ويبقى السؤال: هل ما قام به «فيفا» دعاية إعلامية يمتص بها غضب روابط مشجعي المنتخبات في العالم بعد الهجوم العنيف بسبب أسعار تذاكر المونديال أم هي هدية حقيقية للجمهور ؟.. الرأي لكم.