حراسة المرمى في الكويت.. مهنة تتوارثها العائلات الرياضية


في تاريخ الكرة الكويتية غالباً ما نسمع عن انتقال العشق الرياضي من جيل إلى جيل لكن في مركز حراسة المرمى تحديداً، يصبح الإرث أكثر من مجرد عشق؛ يصبح موروثاً فنياً ثقيلاً يحمل تحدياً خاصاً.
عندما يقرر ابن حارس مرمى مشهور ارتداء القفازات ذاتها والوقوف خلف الشباك نفسها التي دافع عنها والده، فإنه لا يدخل الملعب بوصفه لاعباً ناشئاً، بل يدخل حاملاً عباءة الأسطورة، وتحت مجهر المقارنة الفورية.
من العائلات مثل المكيمي «حسين وفيصل» وكنكوني «شهاب وحسين»، إلى غيرهم ممن ورثوا الشغف والموهبة، فتطرح هذه الظاهرة سؤالاً حاسماً هل يوفر الإرث العائلي دعماً وخبرة تساعد الحارس الشاب على النجاح، أم أنه يمثل ضغطاً نفسياً هائلاً يهدد مسيرته؟


الإرث العائلي
ظاهرة أبناء حراس المرمى في الكويت هي دليل على استمرارية الإرث الرياضي في العائلات، وهي توفر رافداً للمواهب، لكن نجاحهم في نهاية المطاف يعتمد على صبر الأندية عليهم، وقدرتهم الذاتية على تجاوز الضغوط وإثبات الذات بعيداً عن ظل آبائهم، فهناك الدكتور حسين المكيمي الذي يعد من جيل الرواد في الثمانينيات والتسعينيات حارس مرمى المنتخب الوطني ونادي القادسية السابق والأكاديمي الرياضي الذي سلك نجله فيصل الابن الأكبر الطريق نفسه، وسار على خطى والده في المركز نفسه، حيث يلعب حارساً للمرمى في نادي اليرموك، فالحارس فيصل المكيمي يمثل تحدياً إيجابياً لظاهرة الإرث الرياضي، حيث واجه ضغوط المقارنة مع والده، وهو ما أكده الدكتور حسين المكيمي نفسه في لقاءات سابقة، أن مركز حراسة المرمى لا يقبل الواسطة، وأن نجاح فيصل يعود لمرونته ويقظته وتفانيه في التدريب.


عائلة كنكوني
بينما سيطرت عائلة كنكوني على حراسة المرمي بوجود أبنائها، حيث ظل الأخ الأكبر شهاب كنكوني في حراسة مرمي نادي كاظمة ومنتخب الكويت لفترات طويلة، وهو ما جعل الشقيق الأصغر حسين يسلك نفس طريق شقيقه بوجوده في حراسة مرمي نادي كاظمة، واستمر حتي الآن، ولم يكتفِ شهاب بوجود شقيقه في حراسة المرمي بينما دفع بنجله الأكبر حسين باستكمال نجاحاته بحراسة مرمي النادي العربي، وأصبح حارس مرمي المنتخب الأولمبي، وتمت إعارته لنادي كاظمة من أجل الحصول على فرصة في ظل وجود الحارس الدولي سليمان عبدالغفور، ومن المتوقع أن يعود كنكوني الصغير إلى القلعة الخضراء لحراسة عرين العربي في الموسم المقبل بحال اعتزال عبدالغفور.


ظاهرة
لا توجد ضرورة حتمية في كرة القدم بأن يصبح ابن حارس المرمى حارساً، بل هي ظاهرة تحدث نتيجة عوامل عديدة، أبرزها البيئة والتأثير الأبوي، مع وجود حالات كويتية بارزة كسرت هذه القاعدة أو اتبعتها، فهناك بالفعل حالات لحراس مرمى كويتيين برزوا أو بدؤوا مسيرتهم الرياضية وهم أبناء لحراس مرمى سابقين، لكن الأمر لا يقتصر على مركز الحارس، بل يتعداه إلى باقي المراكز فأبناء المدافع الدولي السابق عيسى فلاح، حيث اختار نجله عبدالله حراسة المرمى وهي مركز مختلف عن والده، ونفس الأمر نواف ولد الجنرال محمد إبراهيم هداف القادسية والمنتخب الوطني الذي اختار حراسة المرمي في كرة الصالات، وعبدالعزيز فتحي كميل، نجل الأسطورة فتحي كميل الذي اختار حراسة المرمى في نادي كاظمة، وهو مثال ساطع على كسر الإرث المباشر في المركز.


المستقبل
مستقبل حراسة المرمى في الكويت يمثل قضية محورية في المشهد الرياضي، حيث تتأرجح الآراء بين وجود مواهب واعدة وتحديات تتعلق بالصقل والفرص الممنوحة لها، فهناك إجماع بين المتابعين والخبراء على أن الكويت تزخر بمواهب حقيقية في مركز حراسة المرمى، وهذه المواهب تمتلك المؤهلات الجسمانية والفنية التي تمكنها من حمل الراية مستقبلاً، من أبرزهم عبدالرحمن كميل وسعود الحوشان وعبدالرحمن الفضلي، وعبدالرحمن المجدلي وخالد عجاجي، وسعود القناعي، تتمتع هذه المواهب بطول القامة والمرونة، إلى جانب تأسيس جيد في المراحل السنية، ما يؤهلهم لأن يكونوا ضمن حراس النخبة، على الرغم من وجود هذه الكفاءات، إلا أن هناك تحديات هيكلية ولوجستية قد تهدد مستقبل حراسة المرمي، من أهمها أزمة الثقة، حيث يواجه الحراس الشباب مشكلة في الحصول على الفرصة الكاملة مع فرقهم الأساسية، حيث تميل الأجهزة الفنية والإدارية إلى الاعتماد على الحراس أصحاب الخبرة على حساب بناء لاعب المستقبل، كما حدث مع نادي الكويت عندما تعاقد مع الحارس خالد الرشيدي في ظل وجود سعود الحوشان وعبدالرحمن كميل.


المحك
يعتبر الخبراء أن المباريات الرسمية هي المحك الرئيسي لتطوير الحارس فنياً ونفسياً، ولا يمكنه التطور بالتدريب أو الجلوس على مقاعد البدلاء فقط، فغياب الاهتمام بالمراحل السنية في بعض الأندية إلى الاهتمام الكافي بفرق المراحل السنية وعدم وجود حافز كافٍ للناشئين والموهوبين لاختيار مركز حراسة المرمى فمستقبل حراسة المرمى في الكويت مبشر على مستوى الخامات والمواهب، ولكنه مرهون بمدى قدرة الأندية والاتحاد الكويتي لكرة القدم على تجاوز التحديات من أهمها المستقبل الإيجابي المشروط من خلال تأمين مستقبل حراسة المرمى لسنوات طويلة في حال تم منح هذه المواهب الشابة الثقة الكاملة والفرصة المستحقة للمشاركة في المباريات الرسمية، واستمرار الاتحاد في برامج تطوير مدربي الحراس مثل دورة دبلوم تدريب حراس المرمى، وفي حال عدم تطوير كوادر التدريب في المراحل السنية، فإن هذه المواهب قد تضيع أو يتأخر نضجها، ما قد يخلق فجوة في المستقبل.