أصبحت متعة متابعة مباريات كرة القدم لا تقتصر على زمن الـ90 دقيقة فقط، بل تتعدى ذلك كثيراً، من أجل فهم وإدراك ما يحدث داخل المستطيل الأخضر لفهم خطط الأجهزة الفنية ومتابعة تحركات اللاعبين، وأهم أحداث المباراة وأجوائها التكتيكية والتحكيمية. وتحولت بذلك القنوات الرياضية خلال السنوات الأخيرة إلى وجهة مفضلة لبعض المدربين الذي هجروا «الدكة الساخنة» موقتاً بعد أن وجدوا ضالتهم في استوديوهات التحليل أو البرامج الحوارية لنقل أفكارهم ووجهات نظرهم وإثراء المشهد الإعلامي الرياضي.
وأمام متطلبات مرحلة تطبيق الاحتراف في كرتنا وزيادة الاهتمام الجماهيري باللعبة ونجاح عدد من المحللين في استقطاب أعداد كبيرة من المشاهدين تزايد الطلب على الشخصيات الرياضية من لاعبين أو مدربين أو حتى مسؤولين، لتحقيق المزيد من النجاح في تغطية مسابقاتنا، وذلك من خلال البحث عن مشاهير اللعبة المعتزلين، أو المدربين الذين يملكون فكراً كروياً كبيراً وتجربة ميدانية ناجحة لتقديم مادة تلفزيونية قيمة تفيد المشاهدين.
مواكبة الأحداث
ولكي يواكب المدربون واللاعبون المعتزلون الأحداث بتواجدهم داخل استوديوهات التحليل لا بخارجها فقد اتجه عدد كبير منهم لمهنة التحليل وذلك لتحقيق أكثر من هدف وفائدة عبر هذه المهنة والتي لا تتطلب كثيراً من العناء أو بذل جهد سوى متابعة المباريات وتقديم أسلوب مميز وجذاب في طريقة تحليل المباريات. ونجح عدد من مدربينا في هذا الجانب خصوصاً وأنهم يملكون عمل الخبرة والممارسة من قبل في الأندية وإشرافهم على فرق كرة القدم فنياً.
أبرز المدربين
ومن أبرز المدربين الوطنيين الذين اتجهوا لمهنة التحليل منهم الدكتور عبدالله مسفر المدرب السابق لمنتخبنا الوطني ومدرب العربي الحالي، وعيد باروت، عبد المجيد النمر ومعتز عبدالله، راشد عامر، أما على صعيد اللاعبين المعتزلين فالقائمة تطول ونذكر منهم على سبيل المثال عادل محمد، علي مسري، سبيت خاطر، إسماعيل راشد، بدر حارب، فهد خميس، عبد الرحمن محمد، محمد سرور، عبدالباسط محمد، أحمد ضياء، بشير سعيد وفيصل خليل وغيرهم من نجوم الكرة الإماراتية كما أن بروز ظاهرة توقيع عقود مادية ضخمة مع المحللين تطرح أيضاً سؤالاً: هل التحليل تحول إلى مهنة حقيقية؟
مهنة حقيقية
وللإجابة عن هذه الأسئلة تحدثنا مع مجموعة من الإداريين الذين أجمعوا على أن التحول الحاصل في مجال التحليل جعله مهنة حقيقية تستقطب خبراء اللعبة القادرين على إفادة الجماهير والتأثير فيهم، مؤكدين أن النجاح في الوصول إلى المشاهدين يتوقف على مهارة الإقناع ولباقة الحديث والقدرة على إيصال الأفكار إلى المتابعين. كما اعتبروا التحليل عالماً واسعاً يتضمن العديد من الاختصاصات، ويمكن أن يختلف من منبر إلى آخر ومن قناة إلى أخرى.
خلفية كروية
أكد ناصر اليماحي رئيس مجلس إدارة نادي الفجيرة أن المحلل الرياضي لابد أن يكون لديه خلفية كاملة عن العمل الفني، وأن يكون قد مارس اللعبة وعاش خبراتها لفترات طويلة، لافتاً إلى أن القنوات الفضائية هي من تحدد نوعية وفئات للمحللين، فهناك المدرب صاحب الخبرة والشهادات، وهناك مدرب أو لاعب معتزل وهذه الفئة يتم منحها الفرصة بشرط أن يستكمل أدواته من خلال الدراسة والاحتكاك والممارسة من أجل أن يطور من ذاته حتى يستطيع الاستمرار في مهنة المحلل الرياضي، بينما الناقد الرياضي يكون له أسس أخرى للاختيار لأنها مهنة تعتمد على الرأي ووجهات النظر، واعتبر اليماحي أن التحليل الرياضي مهنة أساسية لكثير من الفئات الآن بعدما وجدوا طريقهم في هذا العمل وأجادوا فيه.
الخبرة والممارسة
قال سعيد المحرزي رئيس مجلس إدارة نادي مسافي إن هناك أسساً واضحة يتم من خلالها اختيار المحللين الرياضيين، أولها وأهمها أن يكون قد مارس اللعبة سواء كان لاعباً أو مدرباً ويملك من الخبرات والشهادات التي تؤهله للظهور على الشاشة، إضافة إلى الحضور والقبول لدى المشاهدين، مع ضرورة أن يكون متابعاً جيداً للأحداث الرياضية ويمتلك أدوات الحديث الشائق واللباقة. وأكد المحرزي أن المحلل القوي يكون له تأثير على الأندية واللاعبين والأجهزة الفنية بما يقدمه من رؤية تحليلية ونقدية للأحداث، وبين أنه لا يتم فرض أي رأي على المحللين أو توجيههم لرأي معين.
وأوضح أن مهنة التحليل الفني أصبحت مهنة حقيقة للعديد من الكفاءات التي أصبحت إضافة للمشاهد وتفرغ لها عدد من النجوم السابقين سواء كانوا مدربين أو لاعبين سابقين، ومن الممكن أن يكون المدرب أو اللاعب نجماً ناجحاً في الملاعب والعكس في الإعلام، فكل مجال له أدواته والاختلاف قائم بين الواقع وبين العمل الإعلامي بوجه عام.
الخبرة لا تكفي
أوضح سعيد منقوش رئيس مجلس إدارة التعاون، أن العمل في مجال التحليل التلفزيوني يرتكز بالأساس على عوامل محددة، وهي الخبرة الرياضية من خلال ممارسة اللعبة، والتخصص في مجال معين، إضافة إلى امتلاك ثقافة كروية كبيرة وقدرة على الشرح وإيصال المعلومة بدقة إلى المشاهد. وشدد أن الخبرة لا تعني أن كل لاعب أو حكم أو مدرب مؤهل بالضرورة في أن ينجح في مجال التحليل التلفزيوني، بسبب الاختلاف الكبير بين العمل الميداني والنظري، أي أن بعض أصحاب الخبرة يملكون أفكاراً فنية لكنهم يفتقدون مهارة التعبير والشرح وإيصال الفكرة إلى المشاهدين. وأكد أيضاً بأن التحول إلى عامل الاحتراف أسهم بقدر كبير في تحول التحليل التلفزيوني إلى مهنة في كرتنا، مما كان له الأثر الإيجابي على مستوى زيادة الزخم الإعلامي في تغطية مسابقاتنا، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن المحلل التلفزيوني أصبح بدوره مرتبطاً بضوابط ومعايير ويعمل بدوره باستمرار على تنمية ثقافته الكروية والإلمام بتفاصيلها حتى يضمن النجاح في مجاله.
