«لا صوت يعلو فوق صوت المنتخبات» عبارة لا يختلف عليها اثنان ولكن المصيبة إذا أساء البعض فهمها، فبدلاً من أن تكون منهاجاً للارتقاء بالرياضة الإماراتية أصبحت ذريعة لاتخاذ بعض القرارات المؤسفة التي قد تضر بمنتخباتنا، بل وإذا تفشت تلك القرارات لتكون ظاهرة فقد تودي بالرياضة الإماراتية إلى الهاوية.

إن صنع القرار يتطلب نظرة ذات أبعاد إستراتيجية عميقة، فليس فقط كل ما يمس المنتخبات مساساً مباشراً هو ما يحقق مصلحتها، بل يجب أولاً الارتقاء بالبيئة الرياضية محلياً وتلبية متطلباتها ودعم عوامل نجاحها كي نرتقي بمنتخباتنا الوطنية، فعملياً النوادي والرياضة المحلية هي القاعدة الحقيقية التي تقف عليها المنتخبات الوطنية، فليس هناك «بيض» يفقس لنا منتخبات جاهزة وإلا لكان من الأجدر أن تدعى منتخباتنا ب«كاليميرو»!

إن ما يتردد حول عرقلة استمرار المدرب الوطني القدير عيد باروت مع نادي النصر والمطالبة بعودته إلى منتخب الناشئين ليس إلا شيئاً مؤسفاً من وجهة نظري المتواضعة ينم عن سطحية الفكر الاستراتيجي لأصحاب ذلك التوجه، فنجاح «باروت» في إعادة «العميد» إلى مكانه المعهود سيمثل بلا أدنى شك قيمة وثقلا كبيرين للدوري الإماراتي، والأهم من ذلك فإنه عندما يستطيع مدرب في فترة قياسية أن يُبرز هذا العدد من اللاعبين الشباب.

وأن ينفض عنهم غبار دوري الرديف وتوظيفهم بهذا الشكل الاحترافي ومنحهم الثقة وقيادتهم إلى التفوق على زملائهم المحترفين الأجانب ذوي الخبرة ليس إلا دعماً حقيقياً للمنتخبات الوطنية، فهؤلاء الشباب هم نواة منتخباتنا الوطنية ونجوم المنتخب الوطني الأول خلال السنوات القادمة.

فيجب على اتحاد الكرة أن يكون أول المطالبين باستمرار «باروت» مع النصر ومنحه الثقة، بل ويجب أن يقوم الاتحاد بدوره في دعم باقي الأندية وتحفيزها لاستقطاب هذا النوع من المدربين الذين يملكون النظرة التي تمكنهم اكتشاف اللاعبين الشباب والجرأة في منحهم الثقة والارتقاء بخبرتهم في الملاعب وبمستوياتهم، أما إذا كان أحدهم يملك بيضة «كاليميرو» تفقس لنا منتخبات جاهزة، فلا مانع من أن ترجع الأندية ورياضتنا المحلية من حيث أتت.

ولا يمكننا أن نغفل جانبا مهما آخر، حيث إن تدريب النصر وخوض المدرب منافسات دوري المحترفين سيمثلان قيمة إضافية لخبرات هذا المدرب الوطني وهو هدف بحد ذاته، فتدريب فريق من المحترفين يخوض مباراة أسبوعياً ويتكون من أسماء محلية وأجنبية بهذا الحجم ليس كتدريب منتخب للناشئين، أما إذا كان هذا التشبث ب«باروت» عبارة عن ثقة، فهو يستحقها بجدارة ولكن لماذا «منتخب الناشئين»؟

محكم مؤسسي رياضي