أبو نعيم.. حكاية شامية على تراب دفن النخيل

ت + ت - الحجم الطبيعي

تطل الحلقة الرابعة من «وين بنسير اليوم؟»، من إمارة رأس الخيمة، التي مر على طريقها عديد الحضارات الإنسانية، قديماً كانت تسمى «جلفار»، واليوم تمثل عروس الإمارات، في رحلتنا نمر على مطعم «فلافل أبو نعيم»، الذي تمتاز مائدته بطابع شامي بامتياز، ونعرج في الطريق على حلويات فراس، لنعاين تاريخ الكنافة النابلسية، التي تعد عروسة الفرح والمحبة. 

على طرقها مرت حضارات إنسانية عديدة، بعضها يعود إلى عصور «ماجان» و«ملوخا»، وقديماً كانت تسمى «جلفار»، وأصبحت اليوم تسمى «رأس الخيمة»، لها تاريخ عريق، بعض سطوره كتبت بيد من حديد. ورغم تقلب الأزمان عليها، لا تزال بعض المواقع شاهدة على ذلك. لرأس الخيمة رصيد عالٍ من محبة الناس، الذين يقصدونها طلباً للهدوء، الذي تكتسي به جبالها، حيث الخضرة تغطي جنبات الإمارة الوادعة.

القصر المسكون

عندما تتجول في مناطق رأس الخيمة، تشعر وكأنك تعيش تفاصيل «خروفة» شعبية، مر عليها أناس كثر وأزمان عديدة، من بين تلك التفاصيل، يطل القصر القاسمي، أو كما يعرفه أهالي الإمارة باسم «القصر المسكون» أو الغامض، حيث تتأرجح حكايته بين الواقع والخيال، فهو مكان عانى من الهجران لأكثر من 30 عاماً، ظل خلالها الجميع يعتقدون بأنه مكان «مسكون بالجن».

ولكن أروقة القصر، الذي بني في 1985، قاومت الموت، وآثرت أن تعيد النبض إليها، حيث عادت الحياة لتدب في أوصال القصر مجدداً، متوسدة مجموعة من المنحوتات واللوحات الفنية التي زينت جدرانه وأروقته، القصر الغامض، لم يظل خارج دائرة الحداثة طويلاً، فقد تم إخضاعه للتطوير والتجديد، ليتحول إلى مزار سياحي يقصده الجميع.

خلال رحلتنا إلى رأس الخيمة، كان لا بد من المرور بمنطقة دفن النخيل، التي تمتاز بطابعها الإماراتي والعربي الأصيل، وتمتاز بإطلالاتها الخلابة على ميناء رأس الخيمة، في أروقة تلك المنطقة، تتغلغل الثقافة العربية التقليدية، التي تتجلى بوضوح في التصاميم المعمارية، وطبيعة المقاهي والمطاعم التي تسكن المكان، الذي تتفتح فيه براعم المطابخ والمطاعم ذات الطابع العربي.

ومن بينها مطعم «فلافل أبو نعيم»، الذي فتح أبوابه في 1990، برأس الخيمة، حيث تخبئ جدرانه حكاية طويلة، حيث كانت البداية من محافظة درعا السورية، عندما كان يعمل في ذات المجال في ستينيات القرن الماضي، ليتناقل الأبناء ذات الحرفة، حيث حافظوا على سر الطعم الذي تتميز به أطباق هذا المطعم.

مائدة عامرة

مائدة عامرة بأطباق شامية، تفوح منها رائحة الياسمين، والنعناع الأخضر، هكذا يمكن وصف المائدة التي يقدمها مطعم «فلافل أبو نعيم» في شهر رمضان، والتي تفيض بالخيرات والأطباق الخفيفة، يتسيدها طبق الحمص، ونظيره الحمص البيروني، وشقيقه حمص باللحمة والصنوبر، كما لا يغيب عنها طبق «المسبحة»، وأقراص الفلافل، تجاورها الشاورما، إلى جانب السلطات المتنوعة، وعلى رأسها الفتوش والتبولة، والتي تعتبر ضيفاً دائماً على المائدة الرمضانية.

في ليالي رمضان، تفوح رائحة الكنافة النابلسية، التي لا تزال تتربع على عرش الحلويات في المنطقة العربية، حيث يعشقها الجميع، ويتغنى بشعرها الطويل، وبلونها الأحمر القاني، البعض يعتبرها طبقاً ملوكياً.

وهناك من يدعوها بـ «عروسة الفرح والمحبة»، لحضورها الدائم في الأفراح، سر لذتها لا تكمن في المواد المستخدمة فيها، بقدر ما تكمن في اليد التي تقوم بتحضيرها، وبـ «النفس» الذي يمدها، ويكسبها السحر والقدرة على جذب القلوب. وفي رمضان، تحضر الكنافة النابلسية والعثملية (الكنافة الخشنة)، والوربات (الكلاج)، المحشية بالجبنة أو القشطة، وغيرها بكامل ثقلها في أروقة حلويات فراس، التي تأسست في 1984، لتقدم الطعم الأصيل لهذه الحلويات، التي لا يتم الاستغناء عنها طوال ليالي الشهر الكريم.

 

 

Email