يتميز شهر رمضان في أذربيجان بأجوائه الروحانية، وطقوسه الاجتماعية التي تعكس الهوية الإسلامية الأصيلة لشعبه، الذي يبدأ الاستعداد لهذا الشهر الفضيل قبل أسبوع من حلوله، حيث تنتشر عادة جميلة، تسمى «حقائب البركات»، وهي أكياس تحتوي على مبالغ مالية، يوزعها أهل الخير، بشرط ألا تفتح إلا مع أول أيام رمضان، تعزيزاً لروح المشاركة والعطاء.
وفي هذا الشهر المبارك، يحرص الأذربيجانيون على تعزيز قيم التسامح وسموّ الأخلاق والتقرب إلى الله بمختلف الأعمال الصالحة. ومن أبرز مظاهر رمضان في أذربيجان، توقف الاحتفالات الاجتماعية، مثل حفلات الزفاف، واستبدالها بزيارات عائلية، والإفطارات الجماعية، والتوسع في أعمال الخير ومساعدة المحتاجين.
وتتفرد أذربيجان عن غيرها من الدول الإسلامية بـ 3 مظاهر رمضانية مميزة عن بقية دول العالم الإسلامي، أولها إقامة مهرجانات ومسابقات للخيل، التي تمتد لأكثر من أسبوع قبل الشهر الكريم، حيث يتبادل الناس التهاني بقدوم رمضان، وأما المظهر الثاني، فهو «الوفاء بالنذور»، إذ يلتزم الأشخاص بنذورهم التي تعهدوا بها في الأزمات، سواءً بزيادة العبادات أو التصدق أو صيام أيام إضافية بعد رمضان، ويأتي ثالث هذه الطقوس تحت مسمى «طبق الغائب» أو «الطبق الزائد»، حيث تضع الأسرة طبقاً إضافياً على مائدة الإفطار، تحسباً لضيف غير متوقع أو عابر سبيل، ما يعكس كرماً أصيلاً.
المائدة الرمضانية
يعد طبق «الشوربة» عنصراً أساسياً على المائدة الرمضانية في أذربيجان، فهو الافتتاح الرسمي للوجبة بعد صيام يوم طويل. كما تتزين المائدة بأطباق شهيرة ومتنوعة، أبرزها «ضلحة»، وهي أكلة مميزة، تتكون من مزيج ورق العنب ولحم الضأن والبصل مع الخضراوات والحمص والتوابل، إضافة إلى طبق «بلاف» الأرز الشهير والمحبوب في جميع أنحاء الدولة. ومن الأصناف الفريدة الأخرى، طبق «قاوورما» الذي يُحضر بلحوم متنوعة، كالدجاج أو البقر، مضافاً إليها مكونات مثل البيض والبصل والفواكه المجففة والكركم والزعفران. وتكتمل المائدة بتقديم الأسماك الطازجة، وتعكس هذه المأكولات التراث الغني الذي يجمع بين المطبخين الإيراني والتركي، مع إضافات محلية تمنحها نكهة مميزة من منطقة لأخرى.
غير أن أبرز ما يميز المائدة الرمضانية بشكل أساسي، هو اجتماع الأسرة حولها، ما يعزز من قيم الترابط الأسري، ويزيد من مشاعر الرحمة والتكافل مع الفقراء، خصوصاً خلال هذا الشهر الكريم، ومن المشاهد التي تبعث الطمأنينة في النفوس، هو تجمع العائلات قبل الإفطار بساعات، حيث يقوم كبار السن ممن يجيدون العربية بتلاوة القرآن الكريم، وترجمته إلى اللغة الأذرية، وشرح معانيه للشباب في جلسات تعليمية ودينية تثقيفية.
