هذا هو القسم الخامس من قصيدة «أهلاً رمضان» التي كتبها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، احتفاءً بقدوم هذا الشهر الجليل المبارك، والتي جعلها سرداً شيقاً لأحداث السيرة النبوية، حيث ما زال يواصل الحديث عن المرحلة المكية قبل الهجرة النبوية بعد أن واصلت قريش جحدها لنبوة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وتصايحت بسفاهةٍ منكرةٍ داعية إلى وضع حدٍ للدعوة الإسلامية في مكة، وجمعوا الحشود من أجل استئصال النور النبوي من أرض مكة، واجتمعوا في دار الندوة كما سبقت الإشارة إليه في المقالة السابقة، واستقر رأيهم بمشورة إبليس على أن يجتمع أربعون شاباً من شباب قريش وهم يتقلدون سيوفهم، ثم يهجمون على بيت المصطفى صلى الله عليه وسلم فيضربونه ضربة رجلٍ واحد، فيتفرق دمه الشريف في القبائل فلا يقوى بنو هاشم على حربهم جميعاً، فيقبلون الدِية وتتخلص قريش من عبء المواجهة مع الدعوة الجديدة، وفعلاً اتفق هؤلاء الظالمون على هذا الحل الأوحد، وتم اختيار هذه المجموعة من الشباب، وظلوا يترصدون برسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن الله تعالى نجاه بلطفه وحسن تدبيره، وخرج من بين صفوفهم بعد أن رماهم بحفنةٍ من تراب وقال صلى الله عليه وسلم: شاهت الوجوه، فجعل الله تعالى على بصرهم غشاوة حالت بينهم وبين رؤية المصطفى صلى الله عليه وسلم، المحفوظِ بحفظ الله ورعايته، ولم يستفق هؤلاء الغافلون إلا وقد فاتهم تحقيق هذا المطلب الشيطاني الخبيث، ونجى الله تعالى نبيه من كيد الكائدين، بعد أن كانت سيوفهم المشهورة لا تريد إلا هدفاً واحداً هو إخماد النور الإلهي الذي جاء به هذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، لكن تدبير الله تعالى خيب رأيهم، وأفشل سعيهم، تحقيقاً لقوله سبحانه: {يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متمُ نوره ولو كره الكافرون} وتحقق وعدُ الله، وهاجر المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى طيبة الطيبة ليعود بعد سنوات قلائل فاتحاً لمكة المكرمة في جحافل المهاجرين والأنصار رضوان الله عليهم أجمعين.
