هذه واحدة من القصائد الجميلة في شكلها ومحتواها، كتبها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، تعبيراً عما يعمر قلبه من مشاعر البهجة بقدوم شهر رمضان، شهر القرآن والصيام والقيام، وجعل لها عنواناً يلخّص مشاعر الترحيب حين وسَمها بعنوان «أهلاً رمضان»، تعبيراً عن مشاعر المحبّة والإجلال لهذا الشهر الكريم، الذي يقتدي فيه صاحب السمو بسيّدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، الذي كان أجود ما يكون في رمضان، وها هو صاحب السمو يُسبغ على الشهر صفات الإنسانيّة، فيمنحه الحركة في الإقبال، والقدرة على نشر النور والضياء، فهو قد جاء في موعده، الذي هو أجمل موعد ينتظره الناس بلهفة واشتياق، لأنّهم يعرفون ما في هذا الشهر الفضيل من كنوز الخير والأجر والثواب، فهو النور الذي يهتدي به الأنام، وهو شهر العبادة والتُّقى، حيث تقبل الأرواح على العبادة بقلوب حاضرة، وتشعر بلذة التقرّب إلى الله تعالى، الذي يتفضّل على خلقه بفتح أبواب الجنان، وإغلاق أبواب النيران، وتصفيد مَرَدَة الشياطين والجانّ، فشهدت الأرواح الصافية هذا النور الإلهي الجليل، الذي يضيء ظلمات النفوس، فإنّ عظمة شهر رمضان، إنّما كانت بفضل نزول القرآن فيه، وهو ما وقع الامتنان به في قوله تعالى: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن}، فهذا وصفُه الأخصّ به، والّذي بسببه كانت له هذه المنزلة العظمى بين الشهور، لأنّ القرآن هو نعمة الله العظمى على أمّة الإسلام، فكانت آياته متجدّدة في قلب المؤمن ووجدانه حين يتلوه على الوجه الصحيح، بحضور القلب، وتعظيم كلام الربّ، حيث تفيضُ الأنوار في تلك اللحظة، وتغمر السّكينة القلب، ويُشعر الإنسان بتمام النعمة الإلهية، حين أكرمنا الله تعالى بهذا الكتاب المجيد، فيزداد حُبّاً لشهر الصيام، الذي ببركته وصلتنا هذه النعمة، التي لا يعرف قدرها إلا أصحاب القلوب الصافية والهمم العالية، فهو النور الذي تنزّل على الحبيب المصطفى، حين كان يتحنّث في غار حراء، بحثاً عن وجه الله الكريم، حتى جاءه جبريل عليه السلام وقال له: {اقرأ باسم ربك}، لينبثق النور في جزيرة العرب، وينطلق به فرسان الجزيرة، لينيروا به القلوب والأرواح.