عمير الرميثي: المجالس ملتقى «الرمسة» الرمضانية

ت + ت - الحجم الطبيعي

«في كل عام تفوح نسائم رمضان في الأجواء، تتعطر بعبق تلاوة القرآن آناء الليل وأطراف النهار، وتجتمع الأسرة حول مائدة الإفطار ينتظرون انطلاق مدفع الإفطار المصحوب بتكبيرات الأذان التي تصدح في الآفاق فتبتل عروق الظِماء من الصائمين، فيحمدون الله أن أعانهم على الصيام»..

بهذه الكلمات استحضر عمير الرميثي، رئيس قسم الرعاية المنزلية في هيئة تنمية المجتمع بدبي، بعض الذكريات الجميلة والأحداث الأجمل المرتبطة بهذا الشهر الفضيل، التي كانت تضفي عليه سعادة وتميزاً.

وقال: «الفرحة بقدوم شهر رمضان لا تساويها فرحة، هذا الشهر العظيم الذي يحتل مكانة خاصة في قلوبنا جميعاً، وتعد زيارة الأهل والأقارب بعد صلاة التراويح أبرز مميزات رمضان، وتنتشر المجالس المعروفة باسم «الميلس» أو «الديوانية»، التي تعتبر في الماضي ملتقى أهل المنطقة، يجتمعون في «رمسة» رمضانية مليئة بروح المحبة ونورانية أيام وليالي الشهر الفضيل.

حيث يجلس صاحب الدار في صدر مجلسه لاستقبال زائريه، فيتبادلون أخبار الغوص والأسفار أو إنشاد الشعر، ويتناولون معاً الوجبات الرمضانية ويتداولون الأحاديث والسوالف مع القهوة العربية، ومنا من يقوم بتلاوة الذكر الحكيم والقصص وغيرها من المجالات الثقافية، وكانت المجالس تبقى مشرعة حتى وقت السحور».

فرحة الأطفال

وأضاف أن ما يميّز رمضان في الماضي فرحة الأطفال بالتسوق وشراء مستلزمات واحتياجات عيد الفطر، إذ تتنافس المحال التجارية وتقيم مهرجانات التسوق والحملات التشجيعية الرمضانية.

واستطرد قائلاً: «تتبدل الأيام والأزمنة، ولكن يظل شهر رمضان يتمتع بروحانيات وإيمانيات عميقة، غير أن ملامحه تخالف قليلاً عاماً تلو الآخر، ففي السابق كانت أيامه بسيطة، إذ تحضر النساء الطعام، فيما يذهب الرجال عقب أداء صلاة العصر للتبضع وشراء مستلزمات الولائم الرمضانية، وفي الأثناء يلهو الأبناء في الفريج.

وينصاعون حيناً لنداء الأمهات بأخذ هدنة للاستراحة كي لا يستنفدوا طاقتهم، فما زال هناك ساعات طويلة قبل الإفطار، في حين تجد الفتيات الصغيرات رمضان فرصة لتعلم بعض مهارات الطبخ اليسيرة، ويتعاون الجميع لإعداد مائدة بسيطة يزينها صنف أو صنفان على الأكثر، والكثير من أكواب اللبن وحفنات التمر».

ويضيف: «بلمح البصر تركض ليالي رمضان مسرعة، لتأتي خير الليالي، وهي العشر، فيهب الناس للقيام، وترتفع الأكف بالدعاء والأمنيات، وتزدان الأيام بزيارات خاطفة أمام باب المسجد، ثم نهرول سريعاً للحاق بالسحور، ثم لا نشعر إلا ونحن نودع رمضان، الذي سرعان ما تنقضي أيامه ولياليه، ليظل الشوق له باقياً من عام لآخر».

ويؤكد أن ما يميّز الشهر الفضيل في الماضي تلك العادات والتقاليد الاجتماعية الطيبة التي نجدها في أيام وليالي رمضان من حيث التجمع في مكان واحد وأسرة واحدة مع السمر والسوالف واستذكار الدروس الدينية.

فهذه في مجملها تعطي النفس الصفاء والنقاء والاستشعار بمعاني هذا الشهر المبارك وأيامه الجميلة، أما اليوم فيخرج الشباب بعد الإفطار للنزهة في المولات «المراكز التجارية» والمقاهي، يتناولون العصائر ويأكلون الحلويات الغريبة التي لم يكن لها وجود قبل نصف قرن.

أكلات شعبية

وحول الاختلافات التي تشهدها ملامح الشهر الكريم يرى الرميثي أن بعض التغيير طرأ عليها، فموائده امتدت لتعج بأطباق من مختلف الأنواع، ولم تعد مقتصرة على الأكلات الشعبية الإماراتية، بل امتدت يد الحداثة لها نتيجة توفر قنوات الطبخ ووصفات اليوتيوب وغيرها. أما أطفال الفريج فأصبحوا يلهون بالـ«آي باد»، و«البلاي ستيشن» عوضاً عن الركض واللعب.

ورغم ذلك ما زال لرمضان نكهة جميلة، فهو جامع الأهل والأحباب، وهو شهر العبادات. وقال الرميثي: «صحيح أن الألفة والتعاون لم يعودا كما كانا بالأمس، لكن لكل زمن ظروفه ومتغيراته ومتطلباته، ففي أيامنا كانت الحياة الاجتماعية أكثر غنى وأهمية، ربما لأننا امتلكنا الوقت الكافي، لذلك فكل شيء كان بسيطاً، والحياة تسير على الفطرة».

Email