عبدالله آل علي: رمضان راحة للصيادين والتفرغ للروحانيات

ت + ت - الحجم الطبيعي

يحمل رمضان لعبد الله يوسف عبدالله آل علي، من الرعيل الأول في رأس الخيمة، نكهته المختلفة في قلوب أبناء الإمارات، فمع قدوم الشهر الفضيل كل عام تعود ذاكرتهم عشرات الأعوام ليسترجعوا الذكريات الجميلة والأحداث التي لا يمحوها الزمن لارتباطها بشهر رمضان، والتي تضفي على نفوسهم سعادة أكثر مقارنة بغيره من شهور العام.

ويعود بنا آل علي، الذي امتهن حرفة الصيد البحري لأكثر من 40 عاماً، إلى الزمن الجميل، قائلاً: في الماضي لم نكن نعرف غير الصيد وسيلة للرزق، وكان رزقنا من البحر، ويمثل رمضان الراحة لأبناء مهنة الصيد، حيث كانت الرحلات تقتصر على الفترة المسائية بالقرب من الشاطئ، وكان عدد الصيادين قليلاً مقارنة بالوقت الراهن، لذلك كنا نصطاد كميات قليلة حسب البيع اليومي، والكميات الفائضة يتم تصنيعها إلى مالح ويستمر تخزينه لفترة تقارب 4 شهور، وبيعه خلال الأيام التي يصعب فيها الخروج للصيد.

تنوع

ويقول آل علي: نفتقد تلك الحياة الجميلة التي كانت بين أهالي الفريج، رغم قساوة الظروف في ذلك الزمن، فكانت الحياة صعبة، ولكن النفوس صافية وجميلة، حيث كان يعيش الجميع في الفريج أسرة واحدة، من خلال التعاون بين الجميع، وكانت النساء تعد أطباقاً من الطعام تتنوع ما بين الهريس واللقيمات، ويتم التوزيع منها على الجيران في الفريج، لتشكل في النهاية سفرة عامرة من الأكلات الشعبية في كل بيت.

ومع إعلان مؤذن الفريج حلول رمضان، كانت الفرحة تعم وترتسم السعادة في قلوب ووجوه الصغار، وسط تهليل وتكبير الكبار والشواب بقدوم الشهر الكريم، حيث يسارع الجميع لتنظيف المسجد، وتوزيع التمر والماء بفرحة كبيرة تعبيراً عن استقبال شهر الرحمة والمغفرة، ومع بدايته ترتفع روح التعاون والمحبة بين الأهالي، ويجلس الشواب في جماعات لمناقشة أمور الحياة اليومية، داخل المجالس العامرة، ولم يكن أحد من الأطفال ينام خلال الليل في شهر رمضان، وتزيد فرحتهم عند تكليفهم بتوزيع وتبادل وجبات الفطور على الجيران.

نكهة خاصة

ويؤكد آل علي، «رمضان لوّل»، بالنسبة لنا كان 30 يوماً من المتعة والفرح، تتخلله الروحانيات، ويحرص الجميع على التجمع لأداء الصلاة والجلوس في المساجد حتى الفجر، وليل رمضان زمان يحمل نكهة خاصة في نفوس سكان الفريج بانتظار «المسحراتي» الذي يطوف فرجان رأس الخيمة، لإيقاظ أهلها على نغمات صوته وقرع طبلته التي لا يفارقني صوتها حتى الآن، ليستيقظ الجميع ويجلسون حول المائدة التي كانت على الأرض في تلك الأيام، وكنا ننتظر «المسحراتي» يوم 27 رمضان لتسليمه «الفطرة».

وفي ليل رمضان كان الصغار يتجمعون للعب ألعابهم الجميلة، حيث كانت كل لعبة تشكل ابتكاراً جديداً، في ألفة وأمان، وينتقلون بين بيوت الفريج بحرية، نظراً للعلاقات القوية التي كانت تجمع الأهالي وكأنهم عائلة واحدة كبيرة، وكنا نحرص على الجلوس بصحبة الآباء والأجداد في المجالس للتعلم وسماع القصص، حيث كانت المجالس القديمة بمثابة مدارس لتناقل الآداب والعادات والتقاليد بين الأجيال المختلفة.

ويحرص آل علي، على لمة العائلة طوال العام بحضور بناته يوم الجمعة للتجمع العائلي، وفي شهر رمضان يواصل عادته بتجميعهن على مائدة الإفطار برفقة أحفاده لتكتمل فرحة الشهر الكريم، مؤكداً أن رمضان هو شهر العائلة بامتياز.

Email