أحمد البستكي: كنا نستطلع الهلال بـ«الشواف»

ت + ت - الحجم الطبيعي

كما الياسمين بهدوئه ونقائه، أبيض القلب، مزهر الوجه، بالرغم من سني عمره التي تجاوزت السبعين عاماً، «أبو الياسمين» المواطن الستيني أحمد البستكي والذي يشتهر بين أعضاء نادي ذخر الاجتماعي التابع لهيئة تنمية المجتمع بلقب «أحمد الياسمين» كما يحلو للعاملين وأعضاء النادي بمناداته.

الزمن الذي مر على البستكي تاركاً آثاره على تفاصيل الوجه والعينين واليدين المباركتين العاملتين في رحاب الوطن، هذه السنون المتوالية على جسده المنهك، لم تصنع منه سوى صورة باسمة عطرة مشرقة للبركة التي ترافق آباءنا وأجدادنا، الأمان الذي نلتمسه في القرب منهم، للسكينة التي نجدها في جوارهم، للسعادة التي يمنحونها لنا بوجودهم.

مشاهد دقيقة

جلس البستكي يسترجع لنا «رمضان زمان» ضاحكاً مبتسماً، وبدأ يسترجع تفاصيل ومشاهد دقيقة لرمضان في زمن الأولين، ويجد أن بعضها تغيرت وأخرى تطورت، بتطور الحالة الاجتماعية والاقتصادية في الدولة، فلم تعد رؤية هلال رمضان تعتمد على ما كان يعرف في الماضي بـ«الشواف» أو حاد البصر، وهم مجموعة من الأشخاص الذين يتمتعون بمواهب كبيرة في حدة البصر، وتحديداً المسافات البعيدة التي يستطيعون رؤيتها، كما أنهم كانوا يعمدون في رؤية الهلال إلى الأماكن البعيدة عن المدن والمرتفعات، وأما الآن فتوفرت إمكانات هائلة فلكياً لتحري الهلال، ورصده بواسطة الحساب الفلكي، أو عبر التلسكوب.

طقوس

ويضيف: هناك تقاليد وعادات خاصة برمضان في الماضي، ولعل تلك الطقوس والمظاهر الرمضانية تعيد الذاكرة إلى الماضي الجميل المرتبط بعراقة التراث، ومن أبرز مظاهر الشهر المبارك هو تحري هلال شهر رمضان، وبمجرد الإعلان عن قدوم الشهر الكريم أو العيد الذي يتم فور التأكد من رؤية الهلال، يتم إطلاق المدفع للإعلان عن حلول الشهر الفضيل أو العيد المبارك. والأهم من ذلك، إعداد المساجد وترتيبها وتنظيفها وتكبير مساحات الصلاة فيها لتزايد أعداد المصلين، كما يتم إعداد أماكن لطعام الإفطار، فمعظم جيران المساجد كانوا يفطرون في المساجد القريبة منهم، إذ تبدأ فرحة الصيام بالسحور في الليلة الأولى والصلاة وقيام الليل وقراءة القرآن.

ياسمينة هدية للمتعبين

وأما عن رائحة الياسمين التي ترافق البستكي، فتعود للياسمينة التي زرعها في بيته منذ سنوات شبابه، وما أن بدأت بطرح الياسمين حتى اعتاد البستكي أن يقطف كل يوم مجموعة منها ويضعها في كيس صغير ويحملها في جيبه يوزعها على كل من يصادفه في يومه، مرحباً به ومودعاً له بالياسمين، لاسيما ضيوف الرحمن في الشهر الجليل، تلك الياسمينة هدية منه للمتعبين من الحياة، ياسمينته كان يمنحها للصائمين من الأطفال وكبار السن ولجيرانه وأصدقائه الذين يجتمع معهم يومياً سواء على مائدة الإفطار أو في المجالس عقب أداء صلاة العشاء والتراويح، ولكل من يحالفه الحظ وتمنحه الحياة فرصة بامتلاك ياسمينة البستكي الحنونة الباسمة التي تعكس روح دبي وهويتها وهواءها.

ويقول البستكي: صلاة التراويح وزيارة الأرحام وتوزيع الأكل على المحتاجين والجيران كانت أهم عادات وطقوس رمضان، إذ تكثر الجلسات بين الأهـل والأحبـة و«الربع» في هذا الشهر المبارك.

ويؤكد أن رمضان قديماً ارتبط بالألعاب الشعبية مثل لعبة الهول وعظيم لواح ويوريد والكوك والليف، وغيرها من الألعاب البيئية المختلفة التي لها نداءاتها وأغنياتها التي ترافقها، كما أن الألعاب والسمر إلى وقت متأخر من الليل كانت سمة رمضانية أصيلة.

Email