عبدالله عبيد: رمضان حكاية متجددة للبر والإحسان

ت + ت - الحجم الطبيعي

«لم ينجح تعاقب السنوات في إحداث تغيير في نكهة ومضامين شهر رمضان المبارك، فهو سيبقى بالنسبة لي ولكثير من المسلمين شهر الرحمة والإحسان، وأيامه حمد وعطاء، ولياليه بر وتقرب إلى الله، وسيبقى المسلمون في أصقاع الأرض المختلفة ينتظرون قدومه بشوق كبير للقياه والحياة في رحابه»..

بهذه الكلمات افتتح عبد الله عبيد المدير الأسبق لمنطقة عجمان التعليمية (71 سنة)، حديثه عما تحمله الذاكرة من وقائع حول الشهر الكريم قديماً وحديثاً.

وقال عبيد: «مناهجنا الدراسية في عهد إشراف حكومة الكويت الشقيقة كانت تتضمن في مادتي التربية الإسلامية واللغة العربية آيات وأحاديث نبوية عن شهر رمضان».

وأضاف: «أكثر ما أتذكره وأحن إليه هي المجالس في الأحياء السكنية، التي كانت تعد لاستقبال الصائمين من الأقارب والجيران، كما كانت المساجد تعد وتزين ويجري تغيير فرشها، أما في حيّنا «فريج العبادلة» كان يوجد مسجدان.. الرويمة الذي بناه حسن بن محمد بن حسن الرويمة السويدي أحد رجال الشارقة في الأربعينيات من القرن الماضي.

وكان يصلي في الناس محمد بن علي السويدي، رحمه الله، دون مقابل، أما المسجد الثاني فكان في حي ابن حسين بناه الوجيه سلطان بن حسن في ستينيات القرن الماضي، وكان يصلي في الناس محمد بن علي المري رحمه الله، من دون أجر أيضاً».

مجالس رمضانية

وحول المجالس الرمضانية قال عبيد: «كان هناك أربعة مجالس، الأول لمحمد بن خليفة المويجعي، والثاني لحميد بن محمد الشعالي.

والثالث لهلال بن سالم السويدي، ورابعهم مجلس الدكتور خليفة بن راشد الشعالي، وكنت في صغري أفطر في المجلس الأول، وأحياناً في الثاني والثالث والرابع، أما المجلس الأول فكان يفطر فيه كبار أهل عجمان، ثم كان المجلس الثاني وكان صاحبه يملك سفينة لصيد الأسماك ويعود محملاً بالتمر والفواكه، التي يوزعها على جيرانه».

وأشار عبيد إلى أن التنشئة الدينية للأطفال في خمسينيات وستينيات القرن الماضي تتضمن قيام الأسر بتعويد أبنائها على الصيام تدريجياً، كما كان الكبار يصطحبون الأطفال معهم إلى المساجد.

علماء ومسحراتي

وقال عبيد: «بعد قيام الدولة وتولي المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، رئاسة الدولة كان، رحمه الله، حريصاً على استقدام علماء الأزهر والمشايخ من بلاد الشام لإحياء ليالي رمضان، وفي عجمان كان لي نصيب مشاهدة هؤلاء المشايخ في مساجد عدة، منها المسجد الكبير، ومسجد أبو بكر الصديق بمشيرف».

وأضاف: «من الذكريات العالقة في ذهني: عبد الوهاب المسحراتي العراقي، الذي كان يجوب طرقات الأحياء السكنية الترابية.

ومن الذكريات أيضاً الدعوة الكريمة على مائدة الإفطار الرمضانية في منزله من قبل معلم الرياضيات عبد السلام عمر السوسي القادم من غزة».

قيم حميدة

وقال عبيد: «ومن الذكريات الجميلة عندما كنت مديراً لمنطقة عجمان التعليمية كنت أقوم باصطحاب عدد من الزملاء في المدارس إلى مجلس صاحب السمو الشيخ حميد بن راشد النعيمي حاكم عجمان، ولن أنسى المواقف الجميلة لمعلمي البعثة المصرية، الذين كانت لهم عادات حميدة، كان كل من محمد حسن عبد القادر عكاشة.

ومحمد علي هاشم معلم اللغة الإنجليزية يتفقدان التلاميذ الفقراء والأيتام في المدرسة، ويقومان بشراء قطع قماش ووضعها في أكياس مع قيمة الأجرة الخاصة بالخياطة، ويعمدان إلى تسليمها للأيتام والفقراء بالخفاء، وقد حدثني كذلك أحمد الخطيب وهو معلم في المعهد الديني بدبي أن بعض المعلمين كانوا يقومون بالأمر ذاته.

كما لا أنسى عمتي التي كانت تجهز ثياب العيد للصغير، والكبير لي ولشقيقي يوسف وإسماعيل، بعد وفاة والدنا في أوائل الخمسينيات، بعد عمل شاق ومضن، في سفن الغوص».

Email