ترتيل خالد حلم من طينة الكبار وأمنيات بسلام دائم

ت + ت - الحجم الطبيعي

ترتيل خالد، طفلة يمنية تحكي معاناتها بسبب الحرب في مدينة تعز، تتذكر أحداثاً ومجازر شاهدتها وعايشتها رغم طفولتها. ورغم الحرب والتحديات تصر ترتيل على إكمال تعليمها وتحلم بإصلاح أوضاع البلاد الاقتصادية، حلم من طينة الكبار، كما تمنت ألّا ينتهي شهر رمضان إلا وقد حل السلام في اليمن وانتهت الحرب.

يتجرع أطفال اليمن مرارة الحرب الدائرة منذ 5 أعوام في مختلف أنحاء البلاد، والتي حرمتهم طفولتهم كباقي أطفال العالم، فهم إما ضحايا قاتل لا يرحم، وإما وباء فتاك، وإما محاصرون بالجوع والحرمان، ليكونوا الأكثر بؤساً وموتاً في العالم.

وبينما ألقت الحرب بثقلها على فئات المجتمع وشرائحه العمرية كافة، فإنَّ الأطفال، الذين يمثلون 50 في المئة من السكّان، يتحملون العبء الأكبر وإن لم تختطف الحرب أرواحهم، فإنها تترك آثارها في نفوسهم والتي لن يستطيعوا نسيانها طوال حياتهم، فمن دون ذنب يتجرعون كأس المرارة والفقدان ما يعجز عن تحملهما حتى الكبار.

ترتيل خالد علي (11 عاماً) طفلة عاشت الحرب بأقسى تفاصيلها، وتركت في ذاكرتها مشاهد مغلفة بصرخات من الألم والوجع وملطخة بالدم تحكي تفاصيلها الموجعة لـ«البيان» وكيف أثرت هذه المشاهد في داخلها.

كانت «ترتيل» تعيش مع أسرتها حياة سعيدة وآمنة، تذهب إلى مدرستها في الصباح الباكر وتعود إلى المنزل محملة آمالاً وطموحاً بمستقبل واعد وأحلام محققة، حتى جاءت الحرب بأهوالها لتبدد كل ذلك الهدوء وتحول مشاهد اللعب والضحك إلى صرخات ودماء وجثث متناثرة.

تتحدث ترتيل لـ«البيان» أنه عندما وصلت الحرب إلى منطقتهم، استهدف الحوثيون بقذيفة الحي الذي تسكنه وهي خارج المنزل هي وأخوتها الصغار اللواتي كن يلعبن مع الجيران.

تتذكر كيف تحولت الضحكات إلى صرخات من الألم والدماء، والدخان يملأ المكان، لم تصب بأذى ولكن لم تكن تعلم مصير أخوتها عادت راكضة مفزوعة إلى المنزل بعد أن شاهدت الجثث ملقاة على الأرض وجيرانها من الأطفال والشباب قد تحولوا إلى أشلاء، مشاهد أحدثت ندوباً في ذاكرتها ونفسيتها تعانيها حتى اليوم.

خرجت «أم ترتيل» للبحث عن أبنائها الذين لم يعودوا، بحثت عنهم بين الجثث الملقاة في الحي ولم تجدهم وعاد لها بعض الأمل ولكن الأمل لم يطل، إذ أصيب «أخو ترتيل الأصغر» بهذه المجزرة وفقد أصابعه.

تقول ترتيل «دخل أخي المنزل وأصابعه مقطعة وكذلك إحدى صديقاتي هي الأخرى قُطعت يدها، وكان الدم يملأ منزلنا قبل أن تأتي سيارة الإسعاف لنقلهم إلى المستشفى، وقمنا مع إخوتي بتنظيف تلك الدماء».

هذه المشاهد كبيرة في واقعها وفي تأثيرها في نفوس الكبار، وكيف لطفل في مقتبل العمر أن يتحمل كل هذه المشاهد التي أثرت في نفسية «ترتيل» بشكل كبير، إذ قالت إنهم تركوا المنزل ونزحوا وكانت ترفض أن تعود للمدينة أو حتى الذهاب إلى المدرسة وحتى اليوم تحتاج إلى من يقلها إلى المدرسة.

تحاول أن تمحو كل هذا الألم من ذاكرتها، ولكنها تقول إنها كلما أغمضت عينيها تتذكر مشاهد «القذيفة» وهي تنفجر لتصاب بحالة من الفزع والخوف، وبعد أن عادت للمدينة من النزوح، تقول إنها كلما سمعت قذيفة ترتجف خوفاً لتتذكر المأساة التي عاشتها.

 

وفي تساؤل عاطفي، قالت «ما ذنبنا نحن في كل ما يحدث؟» ووجهت رسالتها إلى الجميع طالبةً منهم أن يوقفوا الحرب، وعن حلمها بلسان المحب وفي براءة الطفل وبلهجة الكبار، قالت «أحلم أن أغير الوضع الاقتصادي لليمن، حتى أعيده جميلاً» وتمنت أن يكون شهر رمضان نهاية لكل الأحزان وأن تنتهي فيه الحرب ويعم السلام في أرجاء الوطن.

Email