التكافل الاجتماعي عمل ممنهج لسعادة المجتمع

ت + ت - الحجم الطبيعي

«أنا مثل الأب الكبير الذي يرعى أسرته ويتعهد أولاده ويأخذ بيدهم حتى يجتازوا الصعاب ويشقوا طريقهم في الحياة بنجاح».. تلك مقولة خالدة في ذاكرة الزمن، للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، تؤكد أن التكافل الاجتماعي في الإمارات لم يكن نتاج الحاضر، ولكنه وليد الأمس البعيد الذي تغذى وما برح على قيم وتعاليم الإسلام التي تحض على مساعدة الناس، ما يسهم في تعزيز سعادة المجتمع.

وتابعت دولة الإمارات مسيرتها التكافلية الاجتماعية المجتمعية المحلية والخارجية على السواء بتوجيهات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، ودعم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.

مفهوم التكافل

ولو عدنا لتعريف التكافل الاجتماعي لوجدنا أنه مأخوذ من الكفالة، أي التعهد، تعهد القوي بالضعيف، الغني بالفقير، المعسر بالميسر، وهو من أسس النظام الاقتصادي الإسلامي، ومن هدي ديننا وسنة نبينا، ومن أهم قيم المجتمعات المسلمة.

وما نشهده في مجتمع دولة الإمارات من تسامح وتعاون وتعاطف بين جميع المواطنين والمقيمين من كل الجنسيات والديانات والطوائف، لهو خير شاهد على الترجمة الفعلية لمفهوم التكافل بين الناس، انطلاقاً من أن التكافل الاجتماعي في الإسلام ليس معنيًا بالمسلمين فقط، بل يشمل الأفراد الذين يعيشون داخل الوطن، لاسيما أن أساس التكافل هو كرامة الإنسان، ونبذ الفردية أو الأنانية أو السلبية.

وتقول دراسة محلية عن تنمية الخدمات الاجتماعية «إن الإمارات تعتمد في تقديم الخدمات الاجتماعية إلى سكانها على نظامين هما: نظام التكافل الاجتماعي ونظام الفزعة.

التكافل مكفول

وأدى اكتشاف النفط في دولة الإمارات إلى ازدهار الحياة في جميع مجالاتها، مما انعكس إيجابياً على الرعاية الاجتماعية والتكافل الاجتماعي الذي تغير مفهومه الفردي إلى منهج كامل يكفله الدستور والذي أكدت مواده أهمية التكافل والرعاية في المجتمع؛ فقد نصت المادة 14 على أن:

المساواة والعدالة الاجتماعية وتوفير الأمن والطمأنينة، وتكافؤ الفرص لجميع المواطنين من دعامات المجتمع والتعاضد والتراحم صلة وثقى بينهم، ومن أجل ذلك، اهتمت الدولة بتخصيص جهات حكومية مسؤولة عن التكافل الإنساني والاجتماعي في الدولة، مثل وزارة تنمية المجتمع، وزارة الخارجية والتعاون الدولي، الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث، الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف، هيئة أبوظبي للدعم الاجتماعي، صندوق الزكاة، دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي، هيئة المساهمات المجتمعية- معاً، ودائرة الخدمات الاجتماعية في الشارقة، وغيرها.

وكل تلك الجهات تعمل بالتناغم مع مؤسسات خيرية وإنسانية منتشرة في إمارات الدولة لتعزيز قيم التكافل والعطاء والتعاون وتقديم المعونة للمحتاج، مثل بوابة الإمارات الخيرية (الجمعيات الخيرية)، الهلال الأحمر الإماراتي، مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية، مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية، والمؤسسات الخيرية المعتمدة في دبي، ومبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، وغيرها من المؤسسات.

كما أنشأت الإمارات مؤسسات إنسانية للنساء والأطفال مثل مراكز الإيواء، ومؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال، لضمان توفير الحياة الكريمة بكل احتياجاتها لهاتين الفئتين المهمتين من المجتمع.

تكافل عالمي

ومنذ تأسيسها في عام 1971، لم تنظر دولة الإمارات إلى مفهوم التكافل على أنه شأن محلي داخل الدولة فقط، بل وسعته لتدخل في حزامه الشعوب المحرومة التي قدمت لها خلال خمسة عقود مساعدات خارجية غير مشروطة تجاوزت قيمتها أكثر من 275 مليار درهم لدعم وتوفير الخدمات الاجتماعية الأساسية للمجتمعات المحلية التي تحتاج ظروفها المعيشية إلى تحسين.

وكان انتصارها الدائم لكرامة الإنسان ليعيش حياة تليق بآدميته دون أن تلتفت إلى جنسيته أو ثقافته أو ديانته أو طائفته.

وخلال جائحة كورونا، تجلى عطاء الإمارات وتكافلها المجتمعي، وتداعت المؤسسات الوطنية ومؤسسـات القطاعين الحكومي والخاص وأهل الخير لتخفيف الأعباء الاقتصادية والصحية والاجتماعية التي فرضتها الجائحة على كاهل السكان من مواطنين ومقيمين.

وكذا التقليل مـن معاناة الآخرين والأخذ بأيديهم في أوقـات المحن، وإعطائهم آمالاً جديدة في غد أفضل.

وبادرت دبي بتوجيهات ومتابعة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم إلى نشر المساعدات الإنسانية والطبية إلى المجتمعات الأكثر احتياجا في مناطق مختلفة من العالم، ووصل إجمالي الهبات المقدمة من دبي خلال العام 2020، والتي عانى فيها العالم بصورة كبيرة من جراء جائحة كوفيد-19، إلى نحو 112 مليون مستفيد من خلال مشاريع ومبادرات المسؤولية المجتمعية التي أطلقتها الهيئات في جميع القطاعات.

إن جميع ما سبقت الإشارة إليه، يعزز مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة واحدة من أهم الدول الاكثر عطاء على مسـتوى العالم وفقاً لمؤشـر العطاء العالمي.

حيث تتضافر فيهـا جهود الهيئات الحكومية، وهيئات النفـع العام، والجمعيات الخيرية فضلاً عن شـركات ومؤسسات القطاع الخاص، في سـبيل تحويل مبادراتها في المسؤولية المجتمعيـة إلى واقع ملموس يعمل على تحسـين حياة الناس، انسجاما مع القيم الإنسانية النبيلة للمجتمع الإماراتي وفي مقدمتهـا التراحم والتعاطف والتكافل وهي قيم تشـكل ركنا مهما من أركان رقي المجتمعـات وتقدمها.

Email