الإمارات تعبر الجائحة بحنكة واقتدار

ت + ت - الحجم الطبيعي
«وصلت إلى المستشفى في ساعة متأخرة من الليل، حرارة شديدة، وضيق في التنفس، وشعور قاتل بدنو الأجل، فتم على الفور إجراء الفحوصات اللازمة.
 
ووضعي في غرفة العناية الحثيثة، حتى ارتفعت نسبة الأوكسجين في الدم، وما هي إلا أيام قلائل حتى تماثلت للشفاء وعدت لممارسة حياتي من جديد محملاً بجميل العرفان، على وجودي في دولة الإمارات التي استطاعت عبور تحديات جائحة «كوفيد19» بحنكة واقتدار. 
 
حملت معي تلك الحكاية أرويها أينما حللت، عن تلك الأيام الصعبة، التي تكررت مع الكثيرين في هذا البلد الطيب، الذي تعامل مع الجائحة بكثير من الوعي والتخطيط، وقدم خدمات عجزت عنها دول كثيرة كانت تتغنى بكوادرها ومستشفياتها، فجاءت الجائحة، فوقفت عاجزة، تنشد المساعدات، أما الإمارات فقد أحرزت المركز الأول عالمياً على مؤشر
 
«بلومبيرغ» لأفضل الدول مرونة في التعامل مع جائحة «كوفيد19»، وحققت 78.9 نقطة على المؤشر العام، متقدمة على دول مثل فنلندا والمملكة المتحدة والنرويج وإسبانيا وكندا وهونج كونج والولايات المتحدة.

«لا تشلون هم»
 
كان المشهد الأول من ووهان الصينة مرعباً، وقد وقف العالم كله على رجل واحدة، إغلاقات وحجر وموت في كل مكان، وسط هذه الصورة القاتمة، خرج صوت من الإمارات مطمئناً المواطنين والمقيمين «لا تشلون هم».. تلك العبارة دوّت في كل أرجاء الإمارات، وتمت ترجمتها عبر سلسلة من الإنجازات والنجاحات في التعامل مع الجائحة.
 
لقد أدارت القيادة الرشيدة أزمة الجائحة بحنكة واقتدار، لفتت إليها الأنظار، وجعلت من نموذجها المضيء يحتل المرتبة الأفضل عالمياً في التعامل مع الجائحة.
 
وكان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، واضحاً حين قال «الغذاء والدواء خط أحمر لدولة الإمارات، والإمارات عندها القدرة على تأمين الغذاء والدواء بلا نهاية».. ففي أوقات الأزمات أول ما يحتاجه الناس، هو بناء الثقة مع قياداتهم والشعور بالاطمئنان على أنفسهم وعائلاتهم.
 
جودة الحياة
 
في الوقت الذي كان فيه العالم حائراً في التعامل مع الجائحة ويحبس الأنفاس، في ظل تفاقم أعداد الوفيات، وحاجة المرضى لأجهزة التنفس، كانت مستشفيات الإمارات تعمل بلا معيقات، وبكامل الطاقات. وانتشرت عمليات الفحص وحصر الحالات في كل الإمارات، وأقامت الدولة أكبر مختبر للتشخيص خارج الصين. وتعامل الأطباء مع الجائحة بحرفية عالية.
 
وقدمت الإمارات أنموذجاً يحتذى في تلبية الاحتياجات، وتجهيز المستشفيات، وحصر الحالات، في أرقى تطبيق عملي لجودة الحياة.
 
وكما قالت وزيرة تنمية المجتمع، معالي حصة بنت عيسى بوحميد «إن جودة الحياة تعد عملاً حكومياً بامتياز، وهي لا تنحصر فقط بمقومات الحياة المادية بل بامتلاك مفاتيح جودة الحياة معنوياً وذهنياً وفي أن تكون حياتنا ذات قيمة أسرية ومجتمعية ووطنية».
 
الطواقم الطبية
 
لعبت الطواقم الطبية في الإمارات، دوراً بارزاً في محاصرة الجائحة، مستفيدة مما وفرته لها الدولة من إمكانيات، وما لقيته من تقدير من أعلى المستويات، وهو ما أسهم في تبوؤ الإمارات لتحتل المرتبة الثانية عالمياً، في أعداد المستشفيات، الحكومية منها والخاصة المعتمدة من قبل اللجنة الدولية المشتركة في الولايات المتحدة، وهيئات الاعتماد الأسترالية والكندية.
 
كما احتلت المرتبة الثالثة عالمياً في تسجيل الأدوية الأكثر ابتكاراً وتسريع عملية توفير الأدوية المبتكرة، كما كشف وكيل وزارة الصحة ووقاية المجتمع الدكتور أمين الأميري. وفي ذات الوقت لم تغفل الإمارات عن محاربة الشائعات، وتقديم صورة واضحة عن الأوضاع الصحية في الإمارات وفق أحدث البيانات، وبمنتهى الشفافية.
 
لقد أدارت الإمارات أزمة التعامل مع الجائحة بنجاح كبير، وصفه رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير بالقول «أعتقد أن الإمارات كانت من أفضل الدول تعاملاً مع كورونا، فالبلدان التي لديها حكومة جيدة، تميل إلى تحديد الأهداف وتحقيقها».
 
دور إنساني
 
لم تكتفِ الإمارات في تعاملها مع الجائحة بما قدمته لمواطنيها والمقيمين على أرضها بل امتدت أياديها البيضاء إلى أكثر من 63 دولة حول العالم، قدمت لها أطناناً من المساعدات، وتحركت قوافلها الطبية، في كل الاتجاهات، وتبرعت بملايين التطعيمات، وعينات الفحص وأجهزة التنفس والكمامات والمعقمات، وشاركت في لمّ شمل كثير من العائلات، من أولئك الذين فرقتهم الجائحة.
 
وكانت من أوائل الدول التي أرسلت الطائرات إلى الصين، لإجلاء رعايا أكثر من 25 دولة كانوا عالقين بالصين في أحلك الأوقات، بعد توقف الطيران، وتعطل المطارات.
 
التطعيم
 
احتلت دولة الإمارات المرتبة الأولى عالمياً بأحدث تصنيفات مرونة التعامل مع جائحة «كوفيد 19»، وفقاً لمؤشر المرونة الوبائية 2022، الصادر عن مؤسسة «كونسومر تشويس سنتر» الأمريكية. وقالت المؤسسة إن فحوص الكشف عن «كورونا» الجماعية، وتوزيع اللقاحات والجرعات المعززة، من بين العوامل الرئيسية التي ساعدت الإمارات على تصدر التصنيف.
 
حيث تعتمد معايير التصنيف على جودة الرعاية الصحية، والنجاح في تأمين السكان من الإصابة بالعدوى، وإمكانيات نظام الرعاية الصحية، وتأثير القيود المتعلقة بالفيروس في الاقتصاد، وحرية تنقل الأشخاص.
فضلاً عن معدلات زيادة الإصابات، والقدرة على القيام بالاختبارات المطلوبة والإجراءات الاحترازية، وجرعات اللقاح المُضادة للجائحة التي حصل عليها السكان والتقدم الذي أحرزته الدولة في استئناف حركة السفر، وغيره من المعايير الدولية التي نجحت الإمارات في تلبيتها بامتياز.

مرحلة التعافي
 
اليوم تعيش الإمارات مرحلة التعافي بفضل قيادتها الرشيدة التي أدارت الأزمة بنجاح لافت وعادت مؤشرات الاقتصاد إلى الارتفاع، والبلاد احتضنت أكبر حدث من نوعه بحضور 192 دولة من العالم، إكسبو 2020 دبي، الذي حقق النجاحات المستهدفة.
وكان نجاح الدولة في التعامل مع الجائحة من خلال «الجاهزية الاستباقية والمرونة في تفعيل القرارات المبنية على قراءة علمية ودراسة متعمقة ووضع استراتيجيات تعد من أنجح النماذج العالمية».. كما وصفها الدكتور طاهر البريك العامري المتحدث الرسمي عن الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث.
 
Email