الإمارات.. أيقونة التسامح

ت + ت - الحجم الطبيعي

أربعة عقود عاشها في الإمارات، تنقّل في إمارات الدولة كمندوب مبيعات، واستقر في العقود الثلاثة الأخيرة في دبي، كوّن شركة صغيرة، توسعت في ما بعد، وأصبح لها فروع عدة، قصة نجاح تتشابه مع آلاف القصص لأناس وجدوا في الإمارات، وطن التسامح، ضالتهم، فعاشوا فيها، وكونوا حيواتهم، لما وجدوه من احترام لكرامة الإنسان.

حكاية ذلك الرجل، تجدها أمامك في قصص كثيرة، لأناس وجدوا في الإمارات ما لم يجدوه في بعض أوطانهم، من عيش كريم، وتسامح وعدالة وتساوٍ أمام القانون، فعاشوا على أرضها، حتى أضحت الإمارات اليوم تحتضن أكثر من 200 جنسية، تعيش كلها في تناغم وانسجام، مدعومة بمنظومة من القوانين التي تجرم التمييز والكراهية واحتقار الإنسان لأخيه الإنسان، في ظل دولة تعلي قيم التسامح، قيادة وشعباً، مستندة إلى إرثها منذ عهد الآباء المؤسسين.

انفتاح وتسامح

فمنذ نشأة الدولة، قامت على الانفتاح والتسامح، وحفظ الحقوق، وترسيخ دولة العدالة والقانون، وحفظ كرامة الإنسان، واحترام الثقافات، وترسيخ الأخوة الإنسانية، حتى باتت نموذجاً حضارياً وإنسانياً للتعايش والتسامح والانفتاح الثقافي والإنساني، وأصبحت شريكاً أساسياً في كثير من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، التي تنبذ العنف والتطرف والتمييز، مستندة إلى دينها الحنيف، وقيمها الأصيلة، وعادات شعبها، وتراثها العروبي الأصيل، القائم على إكرام الضيف، واحترام الآخر.

وفي 21 يونيو من عام 2017، وتأكيداً لصدارة الإمارات في بناء غدٍ أفضل للمجتمعات العربية والعالمية، وخدمة الإنسانية، صدر قانون تأسيس المعهد الدولي للتسامح، بقرار من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، ونص القانون رقم 9 لسنة 2017، على إنشاء المعهد، ضمن مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية.

استثمار التجربة

إيمان الدولة بقيمة التسامح، جعلها تتحرك على كل الأصعدة، لتعميم هذه التجربة واستثمارها في بناء قوتها الناعمة، فأطلقت مجموعة من المبادرات الإنسانية، الأمر الذي أكسبها مكانة عالمية، وأصبحت مقصداً للملايين، ووجهة سياحية لكثير من شعوب العالم.

في ربوعها تلتقي شعوب وحضارات من الشرق والغرب، وعلى أرضها يعيش الجميع، على اختلاف جنسياتهم ومعتقداتهم، يمارسون شعائرهم وعقائدهم ودياناتهم، بكل حرية واحترام. وهي في كل ذلك، لا تتوقف عن إطلاق المبادرات التي تعزز هذا النهج، فقد خصصت 2019 عاماً للتسامح، وفي فبراير من العام ذاته، توجت مساعيها باللقاء التاريخي الذي جمع فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، والبابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، في قمة تاريخية، للبحث والتشاور وتعزيز التعايش بين الأديان.

أصداء إيجابية

 

المبادرات التي أطلقتها الدولة، وجدت أصداء إيجابية في أقطار العالم، وفي المنظمات الدولية، فقد تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة، قراراً بالإجماع، أن يكون يوم 4 فبراير من كل عام «اليوم الدولي للأخوة الإنسانية»، بمبادرة قدمتها الإمارات وعدد من الدول العربية. وقد سبقها وتبعها سلسلة من المبادرات، من بينها إنشاء وزارة للتسامح 2016، التي ليس لها نظير عالمياً، وإنشاء جسر التسامح في دبي، ومسجد مريم أم عيسى في أبوظبي، ولم تألُ القيادة الرشيدة جهداً لنشر ثقافة التسامح على الصعيدين المحلي والعالمي.

العائلة الإبراهيمية

وتم الإعلان عن بناء «بيت العائلة الإبراهيمية»، ليجسد حالة التعايش السلمي، وواقع التآخي الإنساني الذي تعيشه مختلف الأعراق والجنسيات، من مختلف العقائد والأديان في دولة الإمارات، وقد أقيم «بيت العائلة الإبراهيمية»، في جزيرة السعديات، وضم كنيسة ومسجداً وكنيساً، تحت سقف صرح واحد، ليشكل للمرة الأولى مجتمعاً مشتركاً، تتعزز فيه ممارسات تبادل الحوار والأفكار بين أتباع الديانات.

البرنامج الوطني

وبذلك تكون الإمارات مثالاً للتعايش والتسامح، بفضل سياستها القائمة على الوسطية والاعتدال، واحترام مختلف المعتقدات والديانات، والتي حثنا عليها ديننا الحنيف، وهو في ذات الوقت، تقدير من القيادة الرشيدة للمقيمين بالدولة، تقدير لا يرتبط بهوية أو جنس أو لون، بقدر ما يرتبط باحترام الإنسان ذاته، وأطلقت البرنامج الوطني للتسامح، وشرعت قانون مكافحة التمييز والكراهية، وهو ما جسده البرنامج الوطني للتسامح، الذي استند على سبعة أسس، هي: الإسلام، والدستور الإماراتي، وإرث زايد، والأخلاق الإماراتية، والمواثيق الدولية، والآثار والتاريخ، والفطرة الإنسانية، والقيم المشتركة.

جوائز

ولغرس هذه المفاهيم، قامت الدولة بإطلاق عدد من جوائز التسامح، من أبرزها جائزة زايد للأخوة الإنسانية، في فبراير 2019، للأفراد والكيانات التي تقدم إسهامات جليلة، و«جائزة محمد بن راشد للتسامح»، الهادفة إلى بناء قيادات وكوادر عربية شابة في مجال التسامح. إيماناً منها بأن التسامح قيمة متأصلة، غرسها الوالد المؤسس المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وسارت على نهجه القيادة الرشيدة، وليصبح أولوية وطنية، بل أسلوب حياة.

Email