بيئة العمل المحفزة إنتاجية وسعادة

تقول عالمة النفس «كريستي سكولون» المحاضرة في جامعة «سنغافورة» للإدارة: «إن الأبحاث تؤكد أن الأفراد السعداء في وظائفهم يتمتعون بصحة أفضل، ويكونون الأقل طلباً للإجازات المرضية، ويتسمون بأنهم أكثر إبداعاً في حل المشكلات».. هذه المعادلة الدقيقة حققتها دولة الإمارات بدقة عالية في تهيئة بيئة عمل محفزة للموظفين، تزيد إنتاجيتهم وسعادتهم، وتشجعهم على الابتكار، بل تزيد نسبته إلى %300 كما أكدت ذلك إحدى الدراسات. 

يقول أحدهم: «اطلب من أحد موظفيك أن يؤدي مهمة إضافية فوق مهامه الاعتيادية، فإذا نفذها بحماس، فهذا يكشف لك عن مدى سعادته، ورغبته في البقاء والتطور داخل جهة العمل، أما إذا نفذ تلك المهمة مع إظهار ملامح التبرم، فالأغلب أنه قد وصل إلى مرحلة البؤس».

حقيقة فهمتها بعض الحكومات الحريصة على تطوير الأداء، والتفكير خارج الصندوق، لهذا سارعت للعمل على توفير بيئة عمل إيجابية لموظفيها، إيماناً منها الكوادر البشرية هي الثروة الأساسية، والطاقة الحيوية لأي مؤسسة أو دائرة حكومية، وأن بيئة العمل الإيجابية تزيد من الإنتاجية.

وهو ما ذهب إليه سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي عندما قال: «إن رأس مال حكومة دبي هو موظفوها، وأن سعادتهم وعملهم ضمن بيئة محفزة على الإبداع والابتكار يمثلان أولوية قصوى لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، مضيفاً في تعقيب لسموه على نتائج دراسة مؤشر سعادة موظفي ومتعاملي حكومة دبي لعام 2021 حيث حققت نسبة وصلت إلى 88% فيما وصلت نسبة سعادة المتعاملين مع حكومة دبي إلى 86.3%».

وهو ذات الرأي التي توصلت إليه بعض الدراسات التي أجرتها مؤسسات عالمية متخصصة في مجال الموارد البشرية ومفاده «أن الموظف السعيد يتحسن مستوى أدائه بواقع 31%، ويزداد لديه الابتكار بنسبة 300%، وترتفع فعاليته بمعدل 37%، بينما تقل إجازاته المرضية بواقع 66%».

دبي نموذجاً

الجهات الحكومية التي حققت النسب الأعلى في نتائج دراسة مؤشر سعادة الموظفين في دبي، هي القيادة العامة لشرطة دبي بنسبة 96.6%، والنيابة العامة 94.7%، إضافة إلى الإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب في دبي 94.1%.

وضمن مقارنة مؤشر سعادة المتعاملين جاء في المراكز الثلاثة الأولى غرفة تجارة وصناعة دبي بنسبة 91.9%، ودائرة جمارك دبي 91.8%، والقيادة العامة لشرطة دبي 91.3%.

عمل حكومي بامتياز

«السعادة وجودة الحياة تعد عملاً حكومياً بامتياز وهي لا تنحصر بمقومات الحياة المادية بل بامتلاك مفاتيح جودة الحياة معنوياً وذهنياً وفي أن تكون حياتنا ذات قيمة أسرية ومجتمعية ووطنية» هكذا لخصت معالي حصة بنت عيسى بوحميد وزيرة تنمية المجتمع، رويتها لمفهوم السعادة في بيئة العمل عند إطلاقها «الاستبيان الوطني لجودة الحياة - 2022».

مشيرة أن «جودة الحياة مهمة عمل نؤديها في مختلف مواقعنا المهنية فهي مرآة لواقع جميل ومستقبل جدير بالأمل والتفاؤل، وهي تعني السعادة والرضا والنجاح والتميز والكثير من المؤشرات والمستهدفات التي نسعى لتجسيدها وتحقيقها لنا ولأبنائنا ولأسرنا ولأجيالنا القادمة».

أولويات

من هذا المنطلق، عملت الحكومة على تعزيز جودة الحياة للموظفين، وجعلت ذلك على رأس الأولويات، وهو ما أشار إليه وكيل الوزارة المساعد لقطاع الصحة العامة الدكتور حسين الرند بالقول، «بأن تعزيز جودة الحياة للموظفين إحدى أهم الأولويات للوزارة، لذلك تم تطوير برامج متكاملة لتعزيز جودة الحياة في بيئة العمل، وتمكين الموظفين من تحسين أنماط حياتهم، وخلق بيئة عمل صحية وآمنة ومحفزة على السعادة والعمل الإيجابي».

دليل استرشادي
حققت الإمارات مكانة عالمية في العديد من المجالات والقطاعات، بفضل اهتمام القيادة الرشيدة بتنمية وتطوير الكوادر البشرية وخلق بيئة عمل إيجابية، والحرص على سلامة الموظفين وراحتهم لهذا أصدرت الموارد البشرية دليلاً استرشادياً لمعايير الصحة والسلامة المهنية، لتوعية الوزارات والجهات الاتحادية بالمقومات التي ينبغي مراعاتها في بيئة العمل؛ ومنها توفير: «سهولة الوصول إلى أدوات ومواد العمل، ووضع المعدات والأدوات على ارتفاعات مناسبة، وفقاً للأنشطة البصرية، وسهولة الحركة داخل مكان العمل، بما في ذلك حركة الكرسي وحركة الجسد، ووضع الهاتف بالقرب من الأدوات ذات الاستخدامات المتعددة للموظف، وتوفير خزائن قابلة للقفل للموظفين ؛ ووضع المكاتب بالقرب من منافذ الطاقة» وغيرها من الضوابط التي تجعل بيئة العمل جاذبة ومحفزة، ما ينعكس إيجاباً على سعادة المتعاملين.

الموظفون السعداء

-الموظفون السعداء هم أكثر إنتاجيةً وتفاعلاً في العمل ويتمتعون بمعنويات عالية، وهم أكثر ولاءً لجهات عملهم.

-السعداء في عملهم يتمتعون بالاستقرار النفسي والوظيفي ويشعرون بأن نجاحهم من نجاح المؤسسة التي يعملون بها.

- يتطلع الموظفون للعمل لدى صاحب عمل يهتم بهم ويمنح الأولوية لجودة حياتهم فكلما زادت جودة حياة الموظفين كلما زاد تقديرهم للشركة وحرصهم على نجاحها.