98.4 % معدل الثقة في الشرطة لإنفاذ القانون

الشرطة في الإمارات.. تشيع الأمن وتكسب القلوب

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

ليس سهلاً أن تتمكن قوة الشرطة في بلد ما من تغيير الصورة التقليدية للعمل الشرطي الصارم إلى نموذج عصري إنساني يشيع الرضا بين أفراد المجتمع، ويبعث على الطمأنينة مجرد رؤية أفرادها، ويتعاضد فيها رجال الشرطة والمدنيون لمنع الجرائم والارتقاء بالسلوك الاجتماعي وتعزيز جودة الحياة.. هذا ما نجحت به في امتياز الشرطة المجتمعية في الإمارات لتقدم للعالم نموذجاً قلّ نظيره في العمل الأمني.

في فبراير 2015، شاهد ضابط الشرطة الأمريكي «لورانس ديبريما» رجلاً عجوزاً في شوارع نيويورك يرتدي القليل من الملابس، أثر ذلك كثيراً في نفسه، فترك مكان عمله، وذهب لشراء الملابس الثقيلة للرجل، والطعام الساخن ليساعده على الشعور بالدفء، هذه القصة التي تناولتها الصحافة الأمريكية بالثناء، على بساطتها، تحصل مئات المرات سنوياً بأشكال مختلفة في الإمارات فالقوة الشرطية اكتسبت سمعة دولية، لما تمثله من أدوار اجتماعية تمارسها قولاً وفعلاً على مدار العام سواء من خلال حل الخلافات الأسرية، أو محاربة الجريمة، ونشر الأمن المجتمعي، وتقديم التوعية بمخاطر المخدرات، ومساعدة الناس على الطرقات، وتقديم التوعية عن طريق المحاضرات وغيرها، حتى أصبحت الأجهزة الشرطية القوة الناعمة التي نحظى بالاحترام على مختلف المستويات، واستطاعت بأفعالها الحسنة ورقي تعاملها مع الجمهور تغيير الصورة الذهنية الراسخة لدى الجمهور عن رجل الشرطة؛ ففي الإمارات مئات القصص الإنسانية التي تفوق قصة الضابط «لورانس ديبريما»، التي تم ذكرها بداية، قصص واقعية، يلعب فيها رجال الشرطة أدواراً اجتماعية نبيلة، ولا تزال الذاكرة تحتفظ بصورة ذلك الشرطي منذ صيف عام 2016، حينما شاهد أحد الأطفال يبكي خوفاً في إحدى الفعاليات المجتمعية بالدولة، فاقترب منه، وقدم له هدية بسيطة، وأخذ يلاطفه، حتى كسر الحاجز النفسي معه، ثم أركبه بنفسه دراجة رباعية كانت معدة للمناسبة حتى تغيرت ملامح الصبي، وعلت البسمة شفتاه.

علاقة محورية

العلاقة بين الشرطة والمجتمع علاقة محورية لبناء مجتمع آمن ومتماسك، ولمواجهة التحديات والمخاطر الأمنية التي تتهدد المجتمعات الحديثة، ليس في الإمارات فحسب بل على مستوى العالم، فالشرطة ولدت لحاجة المجتمعات بضرورة أن يختص بعض أفرادها في مهام تتعلق بحفظ أمنها واستقرارها، تطورت هذه الرسالة مع الزمن، حتى بات التعاون بين الشرطة والمجتمع وسيلة فاعلة للسيطرة على الجريمة وتقليص حجمها.

لعل ذلك، هو جوهر رسالة الشرطة المجتمعية كما تعبر عنها أدبياتها «هو أن تقدم بديلاً فعَّالاً لنظام الشرطي التقليدي، وذلك بخلق أحياء آمنة، والعمل على نشر الوعي الاجتماعي، وجمع رجال الشرطة والمدنيين تحت مظلة واحدة من خلال تفعيل دور المواطنين في منع الجرائم، وتحقيق الهدف المشترك المتمثل في الارتقاء بالسلوك الاجتماعي، والمسؤولية الذاتية لأفراد المجتمع» وكل هذه الأهداف تصب في جودة الحياة التي تنشدها الحكومة في الإمارات.

ترابط المجتمع

وجسدت الشرطة في الإمارات هذه الأهداف خير تمثيل من خلال كسب ثقة أفراد المجتمع، والمساهمة في حل الخلافات الأسرية والمالية قبل الوصول إلى أروقة القضاء، حفاظاً على ترابط المجتمع وتماسك أفراده، فلم تعد مهمتها محصورة في مطاردة المجرمين فحسب، بل تجاوزت تلك المهمات الأساسية وتوسيعها لتشمل أهدافاً مجتمعية، ففي العامين الماضيين استقبل مركز الدعم الاجتماعي، التابع للقيادة العامة لشرطة الشارقة وحده 2043 شكوى، عقدت لها 5 آلاف و321 جلسة، حلت 482 قضية زوجية ودياً بنسبة 40% من عدد البلاغات الواردة إليه في ذات العام، وما جرى في مركز الدعم الاجتماعي في الشارقة يتكرر في كل إمارة مع تغير في الأرقام انخفاضاً أو ارتفاعاً. مما أكسب الأجهزة الأمنية هذه الثقة المجتمعية وهو ما خلصت إليه الدراسة التي أجراها المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء عن جودة الحياة الأمنية في دولة الإمارات خلال العام 2021.

 

الأرقام تتحدث

 

النتائج التي كشف عنها المسح الميداني الذي أجراه المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء عن جودة الحياة في الإمارات كشف عن أرقام تدعو للفخر، حيث تقول الأرقام إن نسبة الثقة في الشرطة واعتماديتها في إنفاذ القانون 98.4%. فيما بلغت نسبة الشعور بالأمان عند التجوال، وحيداً خارج المنزل ليلاً 97.5%، وجاءت نتيجة المؤشر الثالث لقياس مدى الثقة بمركز الشرطة القريب محققة 96.4%»، فيما حصدت الدولة المركز الأول عالمياً في مؤشر الشعور بالأمان ليلاً حسب تقرير الأمن والنظام 2021 الصادر عن مؤسسة «جالوب» البحثية الدولية.

بدورها عقبت، حنان أهلي، مدير المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء على نتائج المسح بالقول «يعتبر مسح جودة الحياة الأمنية في دولة الإمارات من المسوح المبتكرة ويعكس انطباعاً دقيقاً لواقع المجتمع في الإمارات، ويعزى هذا المستوى المتقدم في كلٍ من النتائج «إلى التوجيهات السديدة للقيادة الرشيدة في الدولة، والجهود الحثيثة التي تقوم بها الأجهزة الشرطية والأمنية وعلى رأسها وزارة الداخلية بقيادة الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية».

 

الوقاية من الجريمة

لم يعد دور الشرطة ينصب في تعقب الخارجين على القانون في ظل المجتمعات الحديثة بل أصبح الوقاية من الجريمة والتدخل المسبق لإيقافها على رأس أولوياتها، فبعض الجرائم تقود إلى بعض وهو ما كشفه معالي الفريق ضاحي خلفان تميم، نائب رئيس الشرطة والأمن العام بدبي، رئيس مجلس مكافحة المخدرات، بأن تعاطي المخدرات يرتبط ارتباطاً مباشراً بأنواع أخرى من الجرائم، وإن ما نسبته 49 % من لصوص السيارات هم من متعاطي المخدرات، ونحو 64 % من المشتبه بهم من المتورطين في حوادث عنيفة من نفس الفئة، وأن 19% من المخالفات مثل القيادة المتهورة والقيادة بدون ترخيص مرتبطة بنفس الفئة.

التفتيش الليلي

فقد كشف العميد عبدالله خادم سرور المعصم مدير مركز شرطة بر دبي رئيس مجلس مديري مراكز الشرطة في دبي، أنه بتوجيهات معالي الفريق عبدالله خليفة المري، القائد العام لشرطة دبي، تم وضع استراتيجية لتوزيع الدوريات الأمنية على مدار الساعة وتحقيق أعلى معدلات الأمن والأمان في دبي عبر تكثيف الوجود الأمني والتدقيق على الأفراد والسيارات.

سجلت الدوريات الأمنية إلقاء القبض على 805 أشخاص مطلوبة والتدقيق على 166 ألفاً و467 شخصاً، وتحرير 2146 مخالفة، والتدقيق على 59 ألفاً و787 سيارة خلال الفترة من الأول من يناير 2022 إلى منتصف مارس. وأن الدوريات الأمنية ودوريات التفتيش الليلي حققت 100% في التغطية الأمنية في مختلف المناطق الصناعية والتجارية في دبي، وهو ما زاد الشعور بالأمن والأمان.

الثقافة الأمنية

وتلعب الشرطة أيضاً دوراً مهماً في نشر الثقافة الأمنية بين الجمهور، وتقديم أفضل الخدمات، والتوعية بكيفية التصدي للجريمة وطرق الإبلاغ عنها، وتساهم الشرطة المجتمعية في شرطة دبي في نشر الثقافة الأمنية بين الجمهور، وتقديم أفضل الخدمات، والتوعية بكيفية التصدي للجريمة وطرق الإبلاغ عنها، وكذلك تنفيذ العديد من الفعاليات والبرامج والمحاضرات والدورات والأنشطة التي تستهدف كافة فئات وشرائح المجتمع.

 

أصحاب الهمم

دور الأجهزة الشرطية تتعدى إعادة الاستقرار إلى الأسر بل إلى إسعاد الأطفال من أصحاب الهمم وتنظيم رحلات ترفيهية لهم على مراكز الشرطة وتوزيع الهدايا التذكارية عليهم كما فعلت شرطة أبوظبي مؤخراً تزامناً مع يوم الطفل في 22 مارس الماضي، حيث استقبل مركز شرطة الروضة بمديرية شرطة العاصمة أطفال مركز النور لتأهيل أصحاب الهمم في إدارة الدوريات الخاصة بقطاع الأمن الجنائي، وتعريف الأطفال بمهام فرسان الشرطة والمتمثلة في مشاركة الدوريات في الفعاليات والمناسبات الرياضية والمجتمعية، والمزودة بالمعدات والتجهيزات اللازمة لتمكين عناصرها من القيام بواجبهم للإسهام في ضمان استمرار إمارة أبوظبي كمجتمع ينعم بالأمن والسلامة من خلال تقديم خدمات شرطية عالية الجودة للمواطنين والمقيمين والزوار.

تقوم الشرطة المجتمعية بزيارات ميدانية للمدارس لتعليم الشباب عن حقوقهم وواجباتهم وتعميق مفهوم التعاون بين الشرطة والمواطنين باعتبار التواصل والتفاعل عاملين رئيسيين لتهيئة بيئة آمنة ومطمئنة.

كما تقوم بزيارة المستشفيات والمرضى وأسرهم، وتتعاون مع المؤسسات العقابية ومراكز رعاية الأحداث ومؤسسات التعليم الاجتماعي لتشجيع السلوك الاجتماعي السوي.

قوة ناعمة

وأخيراً، تعتبر الشرطة المجتمعية هي القوة الناعمة التي تحدث تأثيراً إيجابياً فعالاً على المجتمع بتكريسها لمفاهيم وقيم التسامح والتعايش والعطاء والتطوع كما وصفها اللواء خبير خليل المنصوري، مساعد القائد العام لشؤون البحث الجنائي في شرطة دبي، وذلك لدورها في ترسيخ الثقافة الأمنية والتوعوية وحفظ الأمن والاستقرار في المجتمع، وتحقيق التوجهات الاستراتيجية لوزارة الداخلية، كونها تتعامل بصورة يومية مع حالات الانحرافات السلوكية المعادية للمجتمع والقيادة الخطرة وتمنع الجريمة وغيرها.

 

الشرطة المجتمعية

أطلق الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، مبادرة الشرطة المجتمعية في أبوظبي في عام 2003. بدأت الشرطة المجتمعية أعمالها في عام 2005، وتتألف فرق الشرطة المجتمعية من ضباط الشرطة وضباط دعم المجتمع الذين يقومون بدوريات في الأحياء السكنية. ولا يحمل ضباط دعم المجتمع كامل صلاحيات الشرطة، إلا أنهم يشكلون صلة وثيقة بين ضباط الشرطة العاديين والمجتمع المحلي.

Email