متحف الشندغة.. بيت المياه "16"

ت + ت - الحجم الطبيعي

يمثل «متحف الشندغة» حالة فريدة في عالم المتاحف، إذ هو في الواقع يمثل 22 متحفاً في واحد، وهذه المتاحف الداخلية، التي يطلق عليها بيوت الشندغة، تجعل من «متحف الشندغة» حياً متحفياً متكاملاً.

ومن اللافت أن كل بيت - متحف من هذه البيوت، يتخصص بعنوان من عناوين الحياة في دبي، ويعرض جانباً من جوانب تراثها الثري، ويعرّف بتقاليد الحياة والعمل والتجارة والصناعات المحلية، بطريقة فريدة. ,يبرز «بيت المياه»، وهو فرع من بيت «المجتمع والبيئة»، وهو بيت مهم لأهمية المياه الحيوية بالنسبة للحياة في هذه المنطقة من العالم، التي سجلت واحدة من أهم نجاحاتها عبر الكيفية التي تأقلمت فيها البيئة الطبيعية والإنسان مع قلة المياه.

يتضمن «بيت المياه» معلومات حول أماكن تواجد المياه، التي كانت تعتبر هبة نادرة، ولكن كانت هناك أماكن احتوت على المياه، وجاء اكتشاف المياه فيها ليساعد على قيام مجتمعات بحالها، سواء كانت سكنية أو في قرى جبلية. ويوضح «بيت المياه» موقع أكثر الآبار في دبي، المبنية منها والمتوفرة في العوير والسطوة، ما شجع الاستقرار بقربها، وكيف كان الإنسان يبني ويستقر بقربها للاستفادة من مياهها. إلى جانب معلومات عن تلك الآبار، من حيث كم يجب أن يتراوح عمقها للحفاظ عليها من الانهيار، وكيفية بنائها وتحصينها من خلال إحاطتها بصخور جبلية أو باستخدام الطوب المحلي، مع عرض نماذج بصرية ملموسة.

«الطوي»، كان من المعالم البارزة للسكان والمسافرين، يعرفونها بأسمائها، وكانت تمثل معالم جغرافية مهمة، فيستدل بها الناس على وجهاتهم والأماكن التي يقصدونها. ومن هذه «الطوي»، ما هو مشهور، مثل طوي البَدَعْ والمغنّي والأبرق والمُّرة. وهنا، بالذات يحضر دور المرأة في المجتمع، حيث كانت النساء هن من يتولى مهمة جلب المياه، بينما في المجمعات السكنية كانت هذه المهمة تأخذ شكلاً آخر، حيث شخصية «الهاوي» (بائع الماء)، الذي يسوِّقها في أوعية معدنية تُعرف بـ«البيب». ومن هنا، يعرض «بيت المياه» جميع الأدوات التي تعني بالبئر ومصادر المياه.

ولأن المطر يأتي في الشتاء فقط فكان سبباً وجيهاً للاحتفال به، فيدخل المطر في الأغاني الشعبية والأمثال والأشعار في دبي؛ وشكل هذا كله جزءاً أصيلاً من التراث الإماراتي، بسبب صعوبة الوصول إلى المياه وتحديد مواقع تواجده، وهو ما كان يتطلب الخبرة والعمل الشاق والفهم العميق لطبيعة المكان. ونظراً لندرة المياه النظيفة، كان ما يكفي للاستخدام المنزلي، أغلبها مياه جوفية، وبعضها كانت تُجمع من الينابيع الجبلية. ولأن المياه كنز ثمين، كانت تُخزن في جرار فخارية (الخِرس) وتقسم بعناية إلى حصص، ويشرب الهالي كل على قدر الحاجة فقط.

ويذكر أن تقييم المياه كان يعتمد على مقاييس أولية، تتضمن: لونها وطعمها ورائحتها؛ ففي حال اعتبرت المياه غير صالحة للشرب، فإنه يجري استخدامها للغسيل أو جلي المواعين. إضافة إلى الاستحمام، إن كان مكان الإقامة بعيداً عن البحر.

Email